الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والشافعية (1)، والحنابلة (2).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (إن اللَّه عز وجل تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم به) متفق عليه (3).
الدليل الثاني: أن الحد هو عقوبة على جناية، والذي حدَّث نفسه بالحد دون فعله، لم تصدر منه جناية توجب العقوبة (4).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
[179/ 3] لو أن ألف عدل قذفوا امرأة أو رجلًا بالزنا مجتمعين أو متفرقين فالحد عليهم كلهم إن لم يأتوا بأربعة شهداء
.
• المراد بالمسألة: إن قذف شخصان أو أكثر شخصًا آخر بالزنا، ولم يُقيموا أربعة شهداء يشهدون على ذلك الزنا، ولم تُقر المرأة بالزنا، فإنه يُقام عليهم حد القذف، على كل شخص منهم حد مستقل، ثمانون جلدة.
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم (456 هـ): "أجمعوا بلا خلاف من أحد منهم لو أن ألف عدل قذفوا امرأة أو رجلا كذلك بالزنا مجتمعين، أو مفترقين: أن الحد عليهم كلهم حد القذف إن لم يأتوا بأربعة شهداء"(5).
(1) انظر: أسنى المطالب (3/ 372)، نهاية المحتاج (7/ 103).
(2)
انظر: الفروع (6/ 88)، الإنصاف (10/ 210).
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه رقم (2391)، ومسلم رقم (127).
(4)
انظر: بدائع الصنائع (7/ 34).
(5)
انظر: المحلى (12/ 212)، وقال أيضًا في مراتب الإجماع (134):"واتفقوا أن القاذف يجلد ولو أنهم عدد الرمل، ولو أنهم في غاية العدالة، إذا جاؤا مجيء القذف، مجتمعين أو متفرقين".
• الموافقون على الإجماع: وافق على الإجماع الحنفية (1)، والمالكية (2)، والشافعية (3)، والحنابلة (4).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)} (5).
• وجه الدلالة: الآية صريحة في وجوب حد القذف على الذين يرمون المحصنات، وأن الحد لا يسقط إلا بأربعة شهداء على الزنا الذي رُمي به المقذوف.
الدليل الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام حد القذف على مسطح بن أثاثة (6)، وحسان بن ثابت (7)، وحمنة بنت جحش (8) رضي الله عنهم، حين قذفوا عائشة
(1) انظر: المبسوط (9/ 46)، بدائع الصنائع (3/ 241).
(2)
انظر: المدونة (4/ 506)، البيان والتحصيل (16/ 335).
(3)
انظر: المجموع (20/ 253)، أسنى المطالب (4/ 136).
(4)
انظر: الإنصاف (10/ 191)، الفروع (6/ 80).
(5)
سورة النور، آية (4).
(6)
هو أبو عباد، مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف بن قصي المطلبي، كان اسمه عوفًا، وأما مسطح فهو لقبه، شهد بدرًا، وأمه بنت خالة أبي بكر، كان أبو بكر يمونه لقرابته منه، فلما خاض مع أهل الإفك في أمر عائشة حلف أبو بكر ألا ينفعه، فنزل قوله تعالى:{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: 22] فعاد أبو بكر إلى الإنفاق مات سنة (34 هـ). انظر: الاستيعاب 4/ 1472، الإصابة في تمييز الصحابة 6/ 93، سير أعلام النبلاء 1/ 187.
(7)
هو أبو عبد الرحمن، حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو الأنصاري، شاعر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، أسلم قديمًا، ولم يشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم مشهدًا، نافح عن النبي صلى الله عليه وسلم بشِعره حتى قال له النبي صلى الله عليه وسلم:(اهجهم وجبريل معك)، توفي أيام قتل علي رضي الله عنه انظر: الاستيعاب 1/ 341، الأنساب 5/ 351، تهذيب التهذيب 2/ 216.
(8)
هي حمنة بنت جحش بن رياب الأسدية من بني أسد بن خزيمة، كانت زوج مصعب بن عمير فقتل عنها يوم أحد، فتزوجها طلحة بن عبيد اللَّه، وهي أخت زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم، كانت من المبايعات، وشهدت أحدًا، فكانت تسقى العطشى وتحمل الجرحى وتداويهم. انظر: الاستيعاب 4/ 1813، الإصابة 7/ 586.
رضي اللَّه عنها (1).
الدليل الثالث: أن عمر رضي الله عنه جلد أبا بكرة رضي الله عنه، وشبل بن معبد (2)، ونافعًا (3) بقذفهم للمغيرة بن شعبة رضي الله عنه (4)(5).
وجه الدلالة من الحديث والأثر: فعل النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أن القذفة إن تعدَّدوا في شخص واحد فعليهم لكل شخص منهم حد مستقل، وكذا فعل عمر رضي الله عنه في قذفة المغيرة، وهو يدل على أن القذفة إن تعدَّدوا فإنه يُحد كل واحد منهم حد مستقل.
الدليل الرابع: القياس على سائر الحدود، فكما أنه لو زنى اثنان بامرأة، وجب عليهما الحد، فكذا القذف.
النتيجة:
المسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم لعدم المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
(1) أخرجه البخاري رقم (2518)، ومسلم رقم (2770).
(2)
هو شبل بن معبد بن عبيد بن الحارث بن عمرو بن علي بن أسلم بن أحمس البجلي، عدَّه الدارقطني وابن عبد البر من التابعين، وقيل: بأنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه. انظر: الاستيعاب 2/ 693، الإصابة في تمييز الصحابة 3/ 377.
(3)
هو نافع بن الحارث بن كندة الثقفي، أخو أبو بكرة، ولمَّا كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نازلًا بالطائف فنادى مناديه: من خرج إلينا من عبيدهم فهو حر، فخرج إليه نافع ونفيع يعني أبا بكرة، فأعتقهما، وهو أول من أقتنى الخيل بالبصرة، وأول من ابتنى دارًا بها. انظر: الاستيعاب 4/ 1489، الإصابة 6/ 405.
(4)
هو أبو عيسى، المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود الثقفي، شهد الحديبية وما بعدها، وشهد القادسية، وفتوحات الشام، أصيت عينه يوم اليرموك، كان من دهاة قريش، ويُلقب بمغيرة الرأي، لذكائه ودهائه، تولى إمارة البصرة، والكوفة، وكان أول من وضع ديوان البصرة، توفي سنة (50 هـ)، وهو أمير على الكوفة. انظر: الاستيعاب 4/ 1445، مشاهير علماء الأمصار 75، الإصابة 6/ 197.
(5)
أخرجه البخاري.