الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان ذلك السيد، أو المزني بها، أو الإمام (1).
الدليل السادس: أن قبول عفو السيد يفضي إلى التجرؤ على الزنا بالإماء بإذن سيدهن، وفي ذلك مفاسد عظيمة من اختلاط الأنساب وغيرها (2).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
[72/ 2] من وطئ امرأة أجنبية في دبرها فإنه يُحد
.
• المراد بالمسألة: من وقع على امرأة في دبرها، ولم تكن مملوكة له، ولا زوجة، فإنه يقام عليه الحد. ويتبيَّن مما سبق أمران:
الأول: أن المرأة إن كانت زوجته، أو كان هو سيدها، فذلك غير مراد.
الثاني: أن المراد هو وجوب الحد عليه، أما نوع الحد هل هو كالزنا، أو هو القتل، فذلك غير مراد.
• من نقل الإجماع: قال أبو بكر العبادي (800 هـ): "إذا أتى أجنبية في دبرها يحد إجماعًا"(3). وقال ابن الهمام (861 هـ): "أما لو وطئ امرأة في دبرها حد بلا خلاف"(4).
(1) انظر: المبسوط (9/ 197).
(2)
انظر: المبسوط (9/ 197).
(3)
الجوهرة النيرة للقدوري (2/ 155).
(4)
فتح القدير (5/ 262)، وما ذكره ابن الهمام هنا والعبادي ليس مرادهم تقرير الإجماع، وإنما حكوه عن غيرهم ثم نقدوا الإجماع، ونص عبارتهم كالتالي:" (من أتى امرأة) أي أجنبية (في الموضع المكروه) أي دبرها (أو عمل عمل قوم لوط فلا حد عليه عند أبي حنيفة ولكنه يعزر) ويسجن حتى يموت أو يتوب. . . وقالا هو كالزنا، وهذه العبارة تفيد اعترافهما بأنه ليس من نفس الزنا بل حكمه حكم الزنا، فيحد جلدًا إن لم يكن أحصن ورجمًا إن أحصن، وذكر في الروضة أن الخلاف في الغلام، أما لو وطئ امرأة في دبرها حد بلا خلاف، والأصح أن الكل على الخلاف".
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك صاحبا أبي حنيفة (1)، والمالكية (2) والشافعية (3)، والحنابلة (4).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: قول اللَّه تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80)} (5).
• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى سمى إتيان الرجل للرجل فاحشة، والفاحشة هي الزنا كما في قوله تعالى:{وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} (6).
الدليل الثاني: أنه إذا وجب الحد بالوطء في القبل، وهو مما يستباح، فلأن يجب بالوطء في الدبر وهو مما لا يستباح أولى (7).
الدليل الثالث: أن الدبر فرج مقصود تحصل به قضاء الشهوة بسفح الماء، فتعلقَ الحد بالإيلاج فيه؛ كالقبل (8).
الدليل الرابع: أن الوطء في الدبر هو وطء في فرج امرأة لا ملك له فيها ولا شبهة ملك فكان زنا كالوطء في القبل (9).
• المخالفون للإجماع: خالف في هذه المسألة الإمام أبو حنيفة (10) والظاهرية (11) فذهبا إلى أن من وطئ امرأة في دبرها فانه لا يحد حد الزنا وإنما يعزر.
(1) انظر: فتح القدير (5/ 262)، تبيين الحقائق (3/ 180).
(2)
انظر: المدونة (4/ 485)، حاشية الدسوقي (4/ 314).
(3)
انظر: أسنى المطالب (4/ 126)، تحفة المحتاج (7/ 424).
(4)
انظر: الإنصاف (10/ 181)، دقائق أولى النهى (3/ 348).
(5)
سورة الأعراف، آية (80).
(6)
سورة النساء، آية (15).
(7)
انظر: الكافي في فقه ابن حنبل (4/ 198).
(8)
انظر: تبيين الحقائق (3/ 181)، الكافي في فقه ابن حنبل (4/ 197).
(9)
انظر: الشرح الكبير (10/ 180).
(10)
انظر: المبسوط (9/ 76)، فتح القدير (5/ 262)، الفتاوى الهندية (2/ 150).
(11)
انظر: المحلى (12/ 391).