الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هنا للعلم بأن الخطاب موجه للنساء (1).
• المخالفون للإجماع: ذهب بعض الفقهاء إلى أنه ليس بقذف، إلا أن يُفسَّر اللفظ بما يدل عليها. وهو وجه عند الحنابلة، قال به ابن حامد (2)(3).
• دليل المخالف: أن قول الرجل للمرأة يا زان، ليس صريحًا في قذفها، لأن الخطاب ليس للمؤنث، فهو من باب الكناية الذي لا يكون قذفًا إلا بأن يُفسِّره بما يدل على القذف (4).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر على قسمين:
القسم الأول: أن يفسَّر اللفظ بما يدل على أنه خطاب للمرأة بالزنا، فهذا قذف بإجماع أهل العلم؛ لعدم المخالف.
القسم الثاني: أن لا يُفسره، فالذي يظهر أن المسألة ليست محل إجماع محقق بين أهل العلم؛ لثبوت الخلاف عن بعض الحنابلة، واللَّه تعالى أعلم.
[159/ 3] إذا قال: (زنأت) وسكت، فإنه يُحد
.
• المراد بالمسألة: الزنا في اللغة العربية قد يُهمز وقد لا يُهمز، فيُقال:"زنا" و"زنأ"، وهو يُطلق على الفجور الذي بمعنى الزنا الشرعي بتغييب الحشفة في الفرج، ويُطلق أيضًا على معنى الصعود، كما سبق بيانه (5).
وعلى هذا فإذا قال شخص لغيره: "زنأتَ" -بالهمز- فيحتمل أنه أراد به
(1) انظر: المبسوط (9/ 114)، الجوهرة النيرة (2/ 160).
(2)
هو أبو عبد اللَّه، الحسن بن حامد بن علي بن مروان البغدادي، إمام الحنابلة في زمانه، من أهل بغداد، من كتبه:"الجامع في فقه ابن حنبل"، و"شرح أصول الدين"، توفي سنة (403 هـ). انظر: سير أعلام النبلاء 17/ 203، شذرات الذهب 3/ 165، طبقات الحنابلة 2/ 169.
(3)
انظر: المغني (9/ 83)، الإنصاف (10/ 213).
(4)
انظر: المغني (9/ 83)، الفروع (6/ 88)، الإنصاف (10/ 213).
(5)
سبق بيان معاني الزنا في اللغة.
صعدت، ويُحتمل أنه أراد فعلتَ فاحشة الزنا.
وقد تقرَّر عند الفقهاء أن لفظ الزنا من الألفاظ الصريحة في القذف (1).
إذا ثبَت ذلك فإن المراد بالمسألة هو: إذا قال شخص لآخر: "أنتَ زنأتَ" ولم يقْرنها بكلمة غيرها، فإنه يُعتبر قذفًا موجبًا للحد، واحتمال اللفظ لمعنى الصعود لا يؤثر في إيجاب الحد.
ومما سبق ينبَّه إلى أمرين: الأول: أن المسألة هي في لفظ "زنأت" أما لو قال "زنيت" فإنها غير داخلة، لأنها صريحة في الزنا الشرعي، ولا تحتمل معنى الصعود.
الثاني: إذا قال "زنأتَ" مقرونًا بما يدل على أن المراد به غير الزنا الشرعي، فإنه غير مراد، كأن يقول:"أنت زنأت على الجبل"، فإنه يُحتمل أنه أراد معنى الصعود، وليست مرادة في الباب.
• من نقل الإجماع: قال ابن الهمام (861 هـ): "فكان كما لو قال يا زاني أو زنأت فإنه يحد اتفاقًا"(2). وقال ابن نجيم (970 هـ): "إذ لو اقتصر على قوله""زنأتَ" يُحد اتفاقًا" (3).
وقال دامان (1078 هـ): "لو اقتصر على قوله: "زنأتَ" يُحد اتفاقًا"(4).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك المالكية (5)، الحنابلة (6).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: أن الأصل في استعمال الزنا بين الناس هو
(1) انظر: المسألة رقم 154 بعنوان: "الرمي بالزنا هو من القذف الموجب للحد".
(2)
فتح القدير (5/ 331).
(3)
البحر الرائق شرح كنز الدقائق (5/ 40).
(4)
مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (1/ 607).
(5)
المنتقى شرح الموطأ (7/ 147)، منح الجليل شرح مختصر خليل (9/ 277).
(6)
انظر: الإنصاف (10/ 214)، كشاف القناع (6/ 110)، الشرح الكبير (10/ 225).
الزنا الشرعي المعروف حتى يقترن به ما يدل على معنى الصعود، وهنا لم يقترن بالكلمة ما يصرفها إلى معنى آخر.
الدليل الثاني: أن المهموز منه لا ينافي معنى الفاحشة؛ وعامة الناس لا يفهمون من ذلك إلا القذف، فكان قذفًا، كما لو قال: زنيت (1).
• المخالفون للإجماع: المخالف في المسألة على قولين:
القول الأول: من قال لآخر: "زنأتَ" فإنه لا يكون قذفًا.
وهو قول الشافعية (2).
القول الثاني: من قال لآخر: "زنأتَ" فإن كان عاميًا فهو قذف، وإن كان عالمًا بالعربية فإنه ليس بقذف.
وهو وجه عند الحنابلة (3).
• دليل المخالف: استدل الشافعية على قولهم بأنه لا يكون قذفًا: بأن لفظ "زنأت" يحتمل معنى الصعود ومعنى الزنا الشرعي، فهو غير صريح في القذف (4).
واستدل من فرَّق بين العامي والعالم بالعربية بأن العامي لا يفهم من لفظ "زنأت" إلا معنى الزنا الشرعي، بخلاف العالم بالعربيَّة فإنه يُحتمل أن يكون أراد معنى الصعود (5).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر ليست محل إجماع محقَّق بين أهل العلم؛ لثبوت الخلاف عن الشافعية، وبعض الحنابلة.
(1) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (3/ 204)، المبدع (9/ 92).
(2)
انظر: أسنى المطالب (3/ 373)، حاشيتا قليوبي وعميرة (4/ 29)، تحفة المحتاج (8/ 205).
(3)
انظر: المغني (9/ 83)، الفروع (6/ 89).
(4)
انظر: حاشيتا قليوبي وعميرة (4/ 29).
(5)
انظر: المغني (9/ 83).