الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• مستند الإجماع: الدليل الأول: عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشب، وعن المجنون حتى يعقل)(1).
وفي رواية عند أحمد بلفظ: (رفع القلم عن ثلاثة: عن الصغير حتى يبلغ. . .) الحديث (2)، وعند أبي داود بلفظ:(وعن الصبي حتى يبلغ)(3).
• وجه الدلالة: دلالة الحديث ظاهرة على أن البلوغ شرط للتكليف، وأن الصبي مرفوع عنه القلم فلا يؤاخذ بالعقوبات الشرعية المتعلقة بحق اللَّه تعالى.
الدليل الثاني: أنه إذا سقط عنه التكليف في العبادات والمآثم في المعاصي فلأن يسقط الحد ومبناه على الدرء والإسقاط أولى (4).
الدليل الثالث: لأن الحد عقوبة محضة، فتستدعي جناية محضة، وفعل الصبي لا يوصف بالجناية فلا حد عليه لعدم الجناية منه (5).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم وجود المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
[76/ 2] اعتبار العقل في وجوب حد الزنا
.
• المراد بالمسألة: إذا ارتكب شخص ما يوجب حد الزنا، فإن من شرط إقامة الحد عليه أن يكون الزاني عاقلًا وقت ارتكابه للزنا.
وتبيَّن مما سبق أنه لو أتى الزنا حال كونه عاقلًا، ثم أصيب بالجنون حين إقامة البيِّنة عليه فذلك غير مراد.
(1) أخرجه أحمد (2/ 245)، والترمذي رقم (1423)، وأبو داود رقم (4403).
(2)
أخرجه أحمد (2/ 254).
(3)
أخرجه أبو داود (4402).
(4)
انظر: الشرح الكبير (10/ 119).
(5)
انظر: بدائع الصنائع (7/ 34).
• من نقل الإجماع: قال المهلب بن أبي صفرة (435 هـ)(1): "أجمع العلماء أن المجنون إذا أصاب الحد في حال جنونه أنه لا يجب عليه حد"، نقله عنه ابن بطال (2).
وابن عبد البر (463 هـ) في معرض استدلاله بسؤال النبي صلى الله عليه وسلم لماعز رضي الله عنه هل به جنون حين أقر بالزنا: "وهذا إجماع أن المجنون المعتوه لا حد عليه والقلم عنه مرفوع"(3). وقال القاضي عياض (544 هـ) في الاستدلال بذلك: "أن إقرار المجنون في حال جنونه لا يلزم، وأن الحدود عنه حينئذٍ ساقطة، وهو مما أجمع عليه العلماء"(4). وقال الكاساني (587 هـ): "ولا خلاف في أن العاقل البالغ إذا زنى بصبية أو مجنونة أنه يجب عليه الحد ولا حد عليها"(5).
وقال المرغيناني (593 هـ): "وإن زنى صحيح بمجنونة أو صغيرة يجامع مثلها حد الرجل خاصة وهذا بالإجماع"(6).
وقال النووي في الاستدلال بذلك: "إقرار المجنون باطل، وأن الحدود لا تجب عليه، وهذا كله مجمع عليه"(7). وقال ابن عرفة (803 هـ) في شروط إيجاب الحد على الزاني: "تكليفُ الزاني: إجماعًا"(8). وقال ابن حجر: "قوله: باب لا يرجم المجنون والمجنونة: أي: إذا وقع في الزنا في حال الجنون وهو إجماع"(9).
(1) هو المهلب بن أحمد بن أبي صفرة الأسدي، الأندلسي، فقيه، اشتهر بالفصاحة والذكاء، له كتاب في اختصار صحيح البخاري سماه "المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح"، و"شرح على البخاري" لكنه غير مطبوع، توفي في شوال سنة (435 هـ). انظر: العبر في خبر من غبر 3/ 168، سير أعلام النبلاء، للذهبي 17/ 579، شذرات الذهب 3/ 254.
(2)
شرح صحيح البخاري (8/ 433).
(3)
التمهيد (23/ 120).
(4)
إكمال المعلم (5/ 265).
(5)
بدائع الصنائع (7/ 34).
(6)
الهداية شرح البداية (2/ 104).
(7)
شرح النووي (11/ 193).
(8)
شرح حدود ابن عرفة (496).
(9)
فتح الباري (12/ 121).
وقال ابن يونس الشلبي (947 هـ): " (إذا زنى البالغ العاقل بصبية أو مجنونة حيث يجب الحد على الرجل) أي دون المرأة، وهذا بالإجماع"(1). وقال دامان (1078 هـ): "وإن زنى مكلف بمجنونة أو صغيرة يجامَع مثلها حُدَّ المكلِّف خاصة بالإجماع"(2). وقال جمال الدين الزيلعي (702 هـ): "إذا زنى صحيح بمجنونة، أو صغيرة يجامَع مثلها، حُدَّ الرجل خاصة، وهذا بالإجماع"(3).
ويمكن أن يضاف إليه النقولات في تقرير الإجماع على أن العقل شرط في وجوب إقامة الحد، ومنها:
قال ابن حزم (456 هـ): "لا يقام عليه -أي المجنون - في حال عقله كل حد كان منه في حال جنونه، بلا خلاف من الأمة"(4). وقال ابن قدامة (620 هـ): "أما البلوغ والعقل فلا خلاف في اعتبارهما في وجوب الحد، وصحة الإقرار"(5).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: عن علي رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشب، وعن المجنون حتى يعقل)(6).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن المجنون مرفوع عنه التكليف فلا يؤاخذ بفعله.
الدليل الثاني: عن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال: جاء ماعز بن مالك رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه، طهرني؟ فقال:(ويحك ارجع فاستغفر اللَّه وتب إليه)، قال: فرجع غير بعيد ثم جاء فقال: يا رسول اللَّه، طهرني؟ فقال
(1) حاشية ابن يونس الشلبي على تبيين الحقائق (3/ 183).
(2)
مجمع الأنهر (1/ 596).
(3)
نصب الراية (4/ 146).
(4)
المحلى (11/ 250).
(5)
المغني (9/ 61).
(6)
أخرجه أحمد (2/ 245)، والترمذي رقم (1423)، وأبو داود رقم (4403).