الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب حد الرجم على الثيب، والثيابة إنما تحصل بالوطء في القبل، فوجب اعتباره (1).
الدليل الثاني: أن غير القبل كالدبر أو غيره ليس محلًا للوطء، والوطء عند الإطلاق فإنما يراد به الوطء الشرعي وهو القبل (2).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
[119/ 2] يشترط للإحصان الإسلام
.
• المراد بالمسألة: إذا وطء شخص بالغ عاقل حر امرأته في نكاح صحيح في قُبلها، لكنه كان كافرًا، ثم زنى بعد ذلك؛ فإنه لا يكون محصنًا، ولا يُقام عليه حد الرجم؛ لأن من شرط الإحصان أن يطأ امرأته وهو مسلم.
• من نقل الإجماع: قال ابن عبد البر (463 هـ): "وكلهم يشترط في الإحصان الموجب للرجم الإسلام هذا من شروطه عند جميعهم"(3) ونقله عنه العراقي (4)، والشوكاني (5).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك الحنفية (6).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: عن كعب بن مالك رضي الله عنه (7) أنه أراد أن
(1) انظر: المغني (9/ 41).
(2)
انظر: الذخيرة (12/ 69).
(3)
التمهيد (14/ 394).
(4)
انظر: طرح التثريب (8/ 5).
(5)
انظر: نيل الأوطار (7/ 112)، ولم ينقله بالحرف حيث قال:"بالغَ ابن عبد البر فنقل الاتفاق على أن شرط الإحصان الموجب للرجم هو الإسلام".
(6)
انظر: بدائع الصنائع (7/ 37 - 38)، تبيين الحقائق (3/ 173)، العناية شرح الهداية (5/ 236).
(7)
هو أبو عبد اللَّه، كعب بن مالك بن أبي كعب بن القين الأنصاري السَّلَمي، شهد العقبة وبايع بها، وتخلف عن بدر، ثم وشهد أحدًا وما بعدها، وتخلف عن غزوة تبوك، وكان أحد الثلاثة الذين تاب اللَّه عليهم في ذلك، انظر: الاستيعاب 3/ 1323، الإصابة في تمييز الصحابة 5/ 610، تهذيب التهذيب 8/ 493.
يتزوج يهودية أو نصرانية، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فنهاه عنها وقال:(إنها لا تحصنك)(1).
الدليل الثاني: أن الرق أثر من آثار الكفر، فإذا كان الإحصان لا يثبت بوطء الأمة بالنكاح لما فيه من الرق؛ فلأن لا يثبت بوطء الكافرة أولى (2).
• المخالفون للإجماع: ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الإسلام ليس شرطًا للإحصان. وهو قول الشافعية (3)، والحنابلة (4).
• دليل المخالف: استدل من قال بإحصان الذمي وغيره من غير أهل الإسلام بأن النبي صلى الله عليه وسلم رجم اليهوديين كما في الصحيحين عن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما: أن اليهود جاؤوا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فذكروا له أن رجلًا منهم وامرأة زنيا، فقال لهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(ما تجدون في التوراة في شأن الرجم)، فقالوا:
(1) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(6/ 548)، والطبراني في "المعجم الكبير"(19/ 103)، والدارقطني في "السنن"(3/ 148)، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار"(6/ 325)، وفي "السنن الصغرى"(3/ 295)، وفي "السنن الكبرى"(8/ 216)، وسعيد بن منصور في "السنن"(1/ 193)، من طريق أبو بكر ابن أبي مريم عن علي بن أبي طلحة عن كعب بن مالك رضي الله عنه. وقد ضعفه الدارقطني في "السنن" (3/ 148) فقال:"أبو بكر بن أبي مريم ضعيف، وعلي بن أبي طلحة لم يدرك كعبًا". وأخرجه أبو داود في المراسيل (181) من طريق بقية عن أبي سبأ عتبة بن تميم عن علي بن أبي طلحة عن كعب بن مالك رضي الله عنه. وهذا أعله البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(6/ 325) بجهالة أبي سبأ عتبة بن تميم، والانقطاع بين علي بن أبي طلحة وكعب. والحديث قد ضعفه جمع من المحققين منهم ابن الملقن في "البدر المنير"(7/ 624)، وابن القطان في "بيان الوهم والإيهام"(3/ 500)، وابن الجوزي في "التحقيق في أحاديث الخلاف"(5/ 325)، وابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق"(4/ 516).
(2)
المبسوط (5/ 147).
(3)
انظر: أسنى المطالب (4/ 128)، نهاية المحتاج (7/ 427)، الغرر البهية (5/ 85).
(4)
انظر: المغني (9/ 43)، الإنصاف (10/ 172)، دقائق أولي النهى (3/ 344).
نفضحهم ويجلدون، فقال عبد اللَّه بن سلام (1): كذبتم، إن فيها الرجم، فأَتوا بالتوراة فنشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم فقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له عبد اللَّه بن سلام: ارفع يدك، فرفع يده، فإذا فيها آية الرجم، فقالوا: صدق يا محمد، فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فرُجما، قال عبد اللَّه: فرأيت الرجل يجنأ (2) على المرأة يقيها الحجارة" متفق عليه (3).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر ليست محل إجماع بين أهل العلم؛ لثبوت الخلاف عن الشافعية، والحنابلة، وقد تعقَّب ابن عبد البر في نقله لهذا الإجماع جماعة من أهل العلم منهم:
العراقي حيث قال: "قال ابن عبد البر: "وكلهم أي الفقهاء يشترط في الإحصان الموجب للرجم الإسلام هذا من شروطه عند جميعهم ومن رأى رجم أهل الذمة منهم إذا أحصنوا إنما رآه من أجل أنهم إذا تحاكموا إلينا لزمنا أن نحكم بينهم بحكم اللَّه فينا وكذلك فعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم باليهوديين المذكورين" انتهى.
وهو مردود نقلًا ومعنى، فنقْله عن جميع الفقهاء اشتراط الإسلام في الإحصان مخالف لمذهب الشافعي وأحمد وغيرهما، وقوله: "إذا ترافعوا إلينا
(1) هو أبو يوسف، عبد اللَّه بن سلام بن الحارث، من ذرية يوسف عليه السلام، من بني قينقاع، حليف بني عوف بن الخزرج، يقال كان اسمه الحصين فغيره النبي صلى الله عليه وسلم، أسلم أول ما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، مات سنة (43 هـ). انظر: الاستيعاب 3/ 921، الإصابة 4/ 118، تهذيب التهذيب 5/ 219.
(2)
أي ينحني ويميل إليها ليحميها من الحجارة، قال ابن فارس في "مقاييس اللغة" (1/ 482):"الجيم والنون والهمزة أصلٌ واحد، وهو العَطْف على الشيء والحُنُوّ عليه"، يقال: جَنَأَ الرَّجُل يَجْنأُ جُنُوءًا على الشيء: إذا أكَبَّ عليه. انظر: تهذيب اللغة (11/ 133)، العين (6/ 182).
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه رقم (1330)، ومسلم رقم (1699).