الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[18/ 1] إذا اجتمعت في شخص حدود، فيها ما يوجب القتل، ولا حق لآدمي فيها فإنه يكتفى بالقتل
• المراد بالمسألة: إذا ثبت عند الإمام أن شخصًا ارتكب ما يوجب أكثر من حد، وكانت الحدود كلها خالصة للَّه، وفيها ما يوجب القتل، كمن سرق، وشرب خمرًا، وزنى وهو محصن، فإنه في هذه الحال تتداخل جميع الحدود تحت حد القتل، ويُكتفى بقتله، دون قطع يده، أو جلده.
ويتبيَّن مما سبق أن الحدود لو كان فيها حد غير خالص للَّه، بل فيه حق لآدمي وهو حد القذف فذلك غير مراد، فإنه لو ثبت على شخص حد الزنا وهو محصن، وحد القذف، فذلك غير داخل في المسألة.
وكذا لو كانت الحدود لا يوجد فيها ما يوجب القتل، فذلك غير مراد في المسألة.
• من نقل الإجماع: قال ابن قدامة (620 هـ) بعد أن حكى هذا القول عن ابن مسعود رضي الله عنه وبعض التابعين: "هذه أقوال انتشرت في عصر الصحابة رضي الله عنهم والتابعين، ولم يظهر لها مخالف، فكانت إجماعًا"(1). وبمثله قال شمس الدين ابن قدامة (682 هـ)(2).
وقال المرداوي (885 هـ): "إذا اجتمعت حدود للَّه فيها قتل استوفي وسقط سائرها بلا خلاف أعلمه"(3).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك الحنفية (4)، والمالكية (5).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: قول ابن مسعود رضي الله عنه: (ما كانت حدود فيها قتل إلا أحاط القتل بذلك كله)(6).
(1) المغني (9/ 132).
(2)
الشرح الكبير (10/ 141).
(3)
الإنصاف (10/ 164).
(4)
المبسوط (9/ 138)، فتح القدير (5/ 341).
(5)
انظر: المنتقى (7/ 114)، الشرح الكبير للدردير (4/ 347)، الفواكه الدواني للنفراوي (2/ 212).
(6)
لم أقف له على تخريج في شيء من كتب السنة من السنن والمسانيد والمصنفات.
• وجه الدلالة: أنه لم يثبت قول مخالف لابن مسعود رضي الله عنه، فيكون إجماعًا سكوتيًا من الصحابة رضي الله عنهم على قوله (1).
الدليل الثاني: أن المقصود من تطبيق الحدود الزجر، وهو يحصل بالقتل، ولا فائدة تشرع بعد ذلك من تطبيق غيره معه، فيكتفى به (2).
الدليل الثالث: أنها حدود للَّه تعالى تضمنت قتلًا، فسقط ما دونها، قياسًا على المحارب إذا قتل وأخذ المال، فإنه يكتفى بقتله ولا يقطع بجامع حصول الزجر في الكل (3).
• المخالفون للإجماع: ذهب بعض الفقهاء إلى أنه لا تتداخل الحدود الخالصة للَّه إذا اجتمعت، وكانت مختلفة الجنس، وتضمنت قتلًا، بل يبدأ بالأخف حتى تُستوفى جميع الحدود.
وهو مذهب الشافعية (4).
• أدلة المخالف: استدل للشافعية بالقياس على قطع اليد في القصاص مع القتل؛ لأن ما وجب مع غير القتل وجب مع القتل حيث إنه لكل جريمة عقوبة خاصة لها (5).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر ليست محل إجماع بين أهل العلم؛ لثبوت خلاف الشافعية فيه، وما حكاه ابن قدامة من الإجماع في المسألة إنما هو من قبيل الإجماع السكوتي، ونفي المخالف من الصحابة رضي الله عنهم، وإلا فهو يُثبت خلاف الشافعية، واللَّه تعالى أعلم.
(1) المغني (9/ 132)، الشرح الكبير (10/ 141).
(2)
المغني (9/ 132)، المبدع (9/ 54)، العناية شرح الهداية (5/ 341).
(3)
انظر: المغني (9/ 132)، الكافي لابن قدامة (4/ 240)، الشرح الكبير (10/ 141).
(4)
انظر: أسنى المطالب (4/ 158)، مغني المحتاج (5/ 505)، نهاية المحتاج (8/ 9).
(5)
انظر: المغني (9/ 132).