الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الرابع: لأنه في الجلد قد لا يؤلم نفسه ويوهم الإيلام، فلا يتحقق حصول المقصود (1).
الدليل الخامس: أن الحد حق للغير يستوفى منه، فلم يجز أن يكون هو مستوفيه (2).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
[55/ 55] على الإمام إقامة الحد على من وجب عليه، ولو كان الذي وجب عليه الحد والدًا للإمام
.
• المراد بالمسألة: إذا ارتكب شخص ما يوجب الحد، وثبت ذلك عند الإمام، وكان من وجب عليه الحد والدًا للإمام، فإن على الإمام أن يقيم حد السرقة -سواء بنفسه أو نائبه-، ولو كان من وجب عليه الحد والدًا له.
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم (456 هـ): "لا يختلف الناس في أن إمامًا له والد قدم إليه في قذف، أو في سرقة، أو في زنى، أو في قود، فإن فرضًا على الولد إقامة الحد على والده في كل ذلك"(3).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: عموم النصوص التي أوجبت إقامة الحدود، ومنها:
قول اللَّه تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)} (4).
(1) انظر: روضة الطالبين (7/ 92)، مغني المحتاج (5/ 279).
(2)
انظر: الحاوي الكبير (13/ 205).
(3)
المحلى (12/ 265).
(4)
سورة المائدة، آية (38).
(5)
سورة النور، آية (2).
• وجه الدلالة: الآياتان عامة في وجوب إقامة الحد، ولم تستثنيا من ذلك ما إذا كان من وجب عليه الحد أبًا للإمام.
الدليل الثاني: قول النبي صلى الله عليه وسلم حين أراد أسامة بن زيد أن يشفع في حد وجب على امرأة مخزومية، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال:(أما بعد، فإنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وإني والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)(1).
• وجه الدلالة: الحديث يدل على أن الإمام يقيم الحد على والده من جهتين:
الأولى: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإقامة الحدود على الشريف والوضيع، فليس ثمة فرق بين أن يكون والدًا للإمام، أو أجنبيًا عنه.
الثانية: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن ابنته فاطمة لو سرقت لأقيم عليها الحد، فكذا الوالد، ولا فرق.
الدليل الثالث: عموم النصوص الواردة في تحريم الشفاعة في الحدود، كقوله صلى الله عليه وسلم:(تعافوا الحدود قبل أن تأتوني به، فما أتاني من حد فقد وجب)(2).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن الحد إذا بلغ الإمام وجبت إقامته، وهي عامة سواء كان من وجب عليه الحد والدًا للإمام أو لا (3).
الدليل الرابع: إن إسقاط الحد عن والد الإمام طريق للفساد، حيث أنه ليس عليهم حد يردعهم.
(1) أخرجه البخاري رقم (3288)، مسلم رقم (1688).
(2)
أخرجه أبو داود رقم (538)، النسائي رقم (4885).
(3)
وقد سبق بيان الأدلة في تحريم الشفاعة في الحدود إذا بلغت الإمام في المسألة رقم 1 بعنوان: "تحريم الشفاعة في الحدود إذا بلغت الإمام".