الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• الموافقون على الإجماع: وافق على الإجماع الحنفية (1)، والمالكية (2)، والشافعية (3).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى أن الأصل في الشهادة قبولها حتى يرد الدليل على المنع، فإن أُديت الشهادة بعد وقوع الجريمة بزمن قليل فالأصل قبولها حتى يرد الدليل على المنع، وليس ثمة دليل يمنع من ذلك.
النتيجة:
المسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
[94/ 35] إذا شهد اثنان أنه زنا بها مكرهة وشهد أثنان أنه زنى بها مطاوعة فلا حد على واحد منهما
.
• المراد بالمسألة: إذا شهد أربعة على امرأة بما يوجب حد الزنا، فادعت المرأة الإكراه، وكان اثنان منهما شهدا أنها كانت مطاوعة على فعل الزنا، وشهد الآخران بأنها كانت مُكرهة على ذلك، فإنه لا يُقام حد الزنا على الرجل، ولا على المرأة.
• من نقل الإجماع: قال الكاساني (587 هـ): "لو شهد أربعة بالزنا بامرأة، فشهد اثنان أنه استكرهها، واثنان أنها طاوعته، لا حد على المرأة بالإجماع"(4). وقال ابن هبيرة (650 هـ): "اتفقوا على أنه إذا شهد نفسان أنه زنا
(1) انظر: تبيين الحقائق (3/ 188)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (5/ 29).
(2)
ولم أجد لهم نصًا صريحًا في هذه المسألة، لكنهم لم يذكروا تقادم الشهادة أو قربها ضمن شروط قبول الشهادة، فكان الأصل عندهم هو قبول الشهادة، وقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية (24/ 9):"ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن الشهادة على الزنا والقذف وشرب الخمر تقبل ولو بعد مضي زمان طويل من الواقعة".
(3)
انظر: الأحكام السلطانية (280)، أسنى المطالب (4/ 132).
(4)
بدائع الصنائع (7/ 49).
بها وهي مطاوعة، وآخران أنه زنا بها وهي مكروهة، فلا حد على واحد منهما" (1). وقال ابن قدامة (620 هـ):"إن شهد أنه زنى بها مطاوعة، وشهد آخران أنه زنى بها مكرهة، فلا حد عليها إجماعًا"(2)، وبمثله قال شمس الدين ابن قدامة (620 هـ)(3).
وقال إبراهيم ابن مفلح (884 هـ): "وإن شهدا أنه زنى بها مطاوعة، وشهد آخران أنه زنى بها مكرهة، لم تكمل شهادتهم على الأشهر؛ لأن فعل المطاوعة غير المكرهة، فعلى هذا لا يحد الرجل اختاره أكثر الأصحاب، ولا المرأة بغير خلاف نعلمه"(4).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك المالكية (5)، والشافعية (6)، وابن حزم (7).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: قال تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (15)} (8).
الدليل الثاني: قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)} (9).
الدليل الثالث: قال تعالى: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13)} (10).
(1) الإفصاح عن معاني الصحاح (2/ 260).
(2)
المغني (9/ 69).
(3)
الشرح الكبير (10/ 202).
(4)
المبدع (9/ 80).
(5)
انظر: البيان والتحصيل (16/ 322)، منح الجليل (8/ 445)، شرح مختصر خليل (7/ 198).
(6)
انظر: أسنى المطالب (4/ 132)، التنبيه في فقه الشافعي (1/ 166)، المجموع (20/ 272).
(7)
المحلى (12/ 48).
(8)
سورة النساء، آية (15).
(9)
سورة النور، آية (4).
(10)
سورة النور، آية (13).
وجه الدلالة من الآيات السابقة: الآيات دلَّت على اشتراط أربعة شهود لإقامة حد الزنا بموجب الشهادة، فإذا شهد اثنان بأنها مكرهة، وشهد آخران بأنها كانت مطاوعة، فالشهادة هنا صارت على فعلين، ولم يكتمل العدد في كل فعل (1).
الدليل الرابع: أن كل شاهدين منهما يكذبان الآخرين، وذلك يمنع قبول الشهادة، لأنه يكون من جملة الشبهة التي تدرأ بها الحدود (2).
الدليل الخامس: لأن شاهدي المطاوعة قاذفان لها؛ لأنهما تكمل البينة عليها، فلا تقبل شهادتهما على غيرها (3).
• المخالفون للإجماع: ذهب طائفة من أهل العلم إلى أنه يجب الحد على الرجل دون المرأة.
وبه قال أبو يوسف ومحمد من الحنفية (4)، وبعض المالكية (5)، وبعض الشافعية (6)، واختاره أبو الخطاب من الحنابلة (7)، وابن حزم من الظاهرية (8).
• دليل المخالف: استدل من أوجب الحد على الرجل بأن الشهادة كملت على وجود الزنا منه، واختلاف الشهود إنما هو في حق المرأة، أما في حق الرجل فلا خلاف في صفتها (9).
النتيجة:
يتحصل مما سبق أن المسألة على قسمين: الأول: في حق
(1) انظر: المبسوط (9/ 67)، الشرح الكبير (10/ 203).
(2)
انظر: المغني (9/ 69)، الشرح الكبير (10/ 203).
(3)
انظر: المغني (9/ 69)، الشرح الكبير (10/ 203).
(4)
انظر: المبسوط (9/ 67)، العناية شرح الهداية (5/ 284).
(5)
انظر: المنتقى شرح الموطأ (7/ 144).
(6)
انظر: روضة الطالبين (7/ 316)، المجموع (20/ 272).
(7)
الشرح الكبير (10/ 202)، الإنصاف (10/ 195).
(8)
انظر: المحلى (12/ 47).
(9)
الشرح الكبير (10/ 202).