الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وللمالكية قول هو خلاف الظاهر حاصله إقامة الحدود بدار الحرب، حتى لو خيف عليه من الردة أو لحاقه بدار الحرب (1).
• أدلة المخالفين: استدل القائلون [بإقامة الحد](*) في دار الحرب بعموم النصوص الشرعية الموجبة لإقامة الحد كقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (2)، وقوله تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (3)، وهذه نصوص جاءت مطلقة، لم تحدد الزمان ولا المكان الذي تقام فيه الحدود، فبقي الحكم علي الأصل، وليس ثمة دليل صريح يستثني دار الحرب (4).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر أن الإجماع حاصل في عدم إقامة الحد في دار الحرب إن خيف الفتنة من ذلك.
أما مع عدم الفتنة فالمسألة ليست محل إجماع، بل هي محل خلاف مشهور بين أئمة المذاهب الأربعة، لثبوت خلاف المالكية والشافعية.
وما حكاه ابن قدامة وغيره من إجماع الصحابة رضي الله عنهم على المسألة فإنما هو من باب الإجماع السكوتي الظني، واللَّه تعالى أعلم.
[5/ 1] تقام الحدود في الثغور
• المراد بالمسألة: أولًا: معنى الثغور لغة واصطلاحًا:
الثغور في اللغة: جمع ثغر -بفتح الثاء وإسكان الغين-، قال ابن فارس:"الثاء والغين والراء أصل واحد يدل على تفتح وانفراج"(5).
ويطلق الثغر على فم الإنسان، وما تقدم من الأسنان، والثلمة في الشيء،
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ليست في المطبوع، ولا يستقيم الكلام إلا بنحوها
(1)
انظر: شرح مختصر خليل (3/ 117)، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (2/ 180).
(2)
سورة النور، آية (2).
(3)
سورة المائدة، آية (38).
(4)
انظر: معرفة السنن والآثار (7/ 45)، شرح مختصر خليل (3/ 117).
(5)
مقاييس اللغة (1/ 378).
وموضع المخافة من فروج البلدان، وما يلي دار الحرب من ديار المسلمين (1).
وجميع هذه المعاني تدل على التفتّح، كما ذكره ابن فارس.
• الثغور في اصطلاح الفقهاء: الثغور عند الفقهاء هي الموضع الذي يكون حَدًّا فاصلا بين بلاد المسلمين والكفار، ويُخاف دخول العدو منه (2).
ثانيًا: صورة المسألة: لو وُجد شخص مقيم بالثغور لحماية المسلمين أو لغير ذلك، وثبت عند الإمام أنه ارتكب ما يوجب الحد، فإن على الإمام إقامة الحد عليه.
• من نقل الإجماع: ابن قدامة (620 هـ): "تقام الحدود في الثغور بغير خلاف نعلمه"(3). وبمثله قال شمس الدين ابن قدامة (682 هـ)(4)، وإبراهيم ابن مفلح (884 هـ)(5). ونقله البهوتي عن ابن مفلح (6).
• الموافقون على الإجماع: وافق على الإجماع الحنفية (7)، والمالكية (8)، والشافعية (9).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى أبي
(1) انظر: العين للفراهيدي (4/ 400)، الصحاح (3/ 168)، المحيط في اللغة للطالقاني (5/ 56)، المصباح المنير (47).
(2)
انظر: المطلع على أبواب المقنع (97)، القاموس الفقهي (51).
(3)
المغني (9/ 248).
(4)
الشرح الكبير (10/ 153).
(5)
المبدع لابن مفلح (9/ 59).
(6)
كشاف القناع (6/ 89).
(7)
انظر: تبيين الحقائق (3/ 182)، العناية شرح الهداية (5/ 268).
(8)
انظر: حاشية الدسوقي (2/ 180)، شرح مختصر خليل (3/ 117).
وإن كان المالكية لم يصرحوا بمسألة من أتى حدًا في الثغر فإنه يقام عليه الحد، لكنهم صرَّحوا بأن من أتى حدًا في دار الحرب فيقام عليه الحد، فمن باب أولى إقامة الحد على من فعله في الثغور.
(9)
انظر: أسنى المطالب (4/ 131)، مغني المحتاج (5/ 452).