الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الثالث: أن حصانة المرأة الملاعِنة لم تسقط باللعان، ولم يثبت عليها الزنا بلعانها، فكان قذفها موجب للحد كقذف غيرها (1).
• المخالفون للإجماع: ذهب بعض الفقهاء إلى أن الملاعِنة إن كان معها ولد، ولاعنها زوجها مع نفي ولدها فإنَّ قَذفها حينئذٍ لا يوجب الحد، سواء كان القاذف زوجها أو غيره. وهو قول الحنفية (2).
• دليل المخالف: علل الحنفية لقولهم بأن المرأة التي لاعنت مع ولدها قد قام فيها أمارة الزنا، وصارت في صورة الزانيات من جهة أن في حجرها ولد لا يُعرف له والد، ففاتت العفة بذلك، والعفة شرط من شروط الإحصان (3).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر ليست محل إجماع بين أهل العلم فيما إذا كانت الملاعنة معها ولد قد نفاه الملاعِن؛ لثبوت الخلاف عن الحنفية.
أما إن لم يكن معها ولد فالمسألة محل إجماع كما سيأتي تقريره (4).
[164/ 3] يصح قذف الأعمى لزوجته، وله ملاعنتها
.
• المراد بالمسألة: إذا قذف الأعمى زوجته بالزنا، ولم يُقم على ذلك بيَّنة، فإن قذفه صحيح، وله ملاعنة زوجته، أو يقام عليه حد القذف.
• من نقل الإجماع: قال ابن عبد البر (463 هـ): "أجمعوا أن الأعمى يلاعن إذا قذف زوجته ولا تصح منه الرؤية"(5). وقال القرطبي (671 هـ): "أجمعوا أن الأعمى يلاعن إذا قذف امرأته"(6).
(1) انظر: المغني (9/ 86)، شرح الزركشي (3/ 117).
(2)
انظر: المبسوط (7/ 53)، فتح القدير (5/ 334)، البناية شرح الهداية (6/ 382).
(3)
انظر: المبسوط (7/ 53).
(4)
انظر: المسألة رقم 165 بعنوان: "لو قذف امرأة لاعنت بغير ولد، فعليه الحد".
(5)
الاستذكار (6/ 90).
(6)
تفسير القرطبي (12/ 185).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك الحنفية (1)، والشافعية (2)، والحنابلة (3)، والظاهرية (4).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6)} (5).
• وجه الدلالة: الآية عامة في أن كل من رمى زوجته، فإنه يلاعنها، وليس ثمة دليل يستثني الأعمى من ذلك (6).
الدليل الثاني: أن الأعمى قد يُدرك زنا زوجته، إما بالصوت المُشعر بالجماع، أو بوضع يده على ذكر الرجل وفرج زوجته، فكان لعانه كلعان غيره (7).
النتيجة:
يظهر واللَّه تعالى أعلم صحة الإجماع في المسألة؛ لعدم المخالف واللَّه تعالى أعلم.
تنبيه: نقل بعض الفقهاء عن مالك وأبي الزناد ويحيى بن سعيد الأنصاري (8) القول بأن من شرط اللعان الرؤية، وأن لعان الأعمى لا يصح إلا إذا أنكر الحمل وادعى الاستبراء.
وممن نقله ابن قدامة في "المغني"(9)، وابن العربي في "أحكام
(1) انظر: المبسوط (7/ 41)، بدائع الصنائع (3/ 242).
(2)
انظر: الأم (5/ 304)، مغني المحتاج (6/ 373 - 374).
(3)
انظر: المغني (8/ 47 - 48)، الشرح الكبير (9/ 25).
(4)
انظر: المحلى (9/ 331).
(5)
سورة النور، آية (6).
(6)
انظر: المغني (8/ 48).
(7)
انظر: الاستذكار (6/ 89).
(8)
أبو سعيد، يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو الأنصاري، من بني النجار، يُعد جدُّه قيس من الصحابة، كان من فقهاء المدينة، قال أيوب السختياني:"ما خلفت بالمدينة أحدًا أفقه من يحيى بن سعيد الأنصاري"، مات بالعراق سنة (143 هـ). انظر: التاريخ الكبير 8/ 275، الثقات لابن حبان 5/ 512، سير أعلام النبلاء 5/ 468.
(9)
انظر: المغني (8/ 48).