الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (ويحك، ارجع فاستغفر اللَّه وتب إليه)، قال: فرجع غير بعيد، ثم جاء فقال: يا رسول اللَّه طهرني؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، حتى إذا كانت الرابعة قال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(فيم أطهرك)؟ فقال: من الزنا، فسأل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(أبه جنون)؟ فأخبر أنه ليس بمجنون، فقال:(أشرب خمرًا)؟ فقام رجل فاستنكهه فلم يجد منه ريح خمر، قال فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(أزنيت)؟ فقال: نعم، فأمر به فرجم (1).
• وجه الدلالة: أن سؤال النبي صلى الله عليه وسلم له عن عقله كان من أجل التحقق من حاله أهو ممن يؤاخذ بالحد أم لا.
الدليل الثاني: أنه إذا سقط عنه التكليف في العبادات والمآثم في المعاصي فلأن يسقط الحد ومبناه على الدرء والإسقاط أولى (2).
الدليل الثالث: لأن الحد عقوبة محضة فتستدعي جناية محضة وفعل الصبي لا يوصف بالجناية فلا حد عليه لعدم الجناية منه (3).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم وجود المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
[77/ 2] لو زنى عاقل بمجنونة أو بصغيرة فإنه يجب الحد على الزاني دون المزني بها
.
• المراد بالمسألة: إذا ارتكب شخص عاقل بالغ ما يوجب حد الزنا، وكانت المرأة التي وقع عليها الزنا صغيرة أو مجنونة، فإن الحد هنا يجب على الرجل، أما المرأة فلا حد عليها.
وينبَّه إلى أن عكس المسألة وهي إن كانت المرأة بالغة عاقلة والرجل صغير أو مجنون، فذلك غير مراد.
(1) أخرجه مسلم رقم (1695).
(2)
انظر: الشرح الكبير (10/ 119).
(3)
انظر: بدائع الصنائع (7/ 34).
• من نقل الإجماع: قال الكاساني (587 هـ): "ولا خلاف في أن العاقل البالغ إذا زنى بصبية أو مجنونة أنه يجب عليه الحد ولا حد عليها"(1).
وقال المرغيناني (593 هـ): "وإن زنى صحيح بمجنونة أو صغيرة يجامع مثلها حد الرجل خاصة وهذا بالإجماع"(2).
وقال ابن يونس الشلبي (947 هـ): " (إذا زنى البالغ العاقل بصبية أو مجنونة حيث يجب الحد على الرجل) أي دون المرأة، وهذا بالإجماع"(3).
وقال دامان (1078 هـ): "وإن زنى مكلف بمجنونة أو صغيرة يجامَع مثلها حُدَّ المكلِّف خاصة بالإجماع"(4). وقال الزيلعي (702 هـ): "إذا زنى صحيح بمجنونة، أو صغيرة يجامَع مثلها، حُدَّ الرجل خاصة، وهذا بالإجماع"(5).
• الموافقون على الإجماع: وافق على الإجماع الشافعية (6)، والحنابلة في وجه عندهم (7).
• مستند الإجماع: استدل من أوجب الحد على الزاني بأنه حر مكلف حصل منه الوطء في قبل محرَّم، مع تغييب الحشفة، وتحصَّل منه المقصود من حصول الشهوة، فلم يؤثر فيه نقص صاحبه (8).
• المخالفون للإجماع: ذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه لا حد على من وطئ الصغيرة التي لا يوطأ مثلها، ولو كان الزاني بالغًا عاقلًا.
(1) بدائع الصنائع (7/ 34).
(2)
الهداية شرح البداية (2/ 104).
(3)
حاشية ابن يونس الشلبي على تبيين الحقائق (3/ 183).
(4)
مجمع الأنهر (1/ 596).
(5)
نصب الراية (4/ 146).
(6)
انظر: الغرر البهية شرح البهجة الوردية (5/ 83)، تحفة المحتاج (9/ 107).
(7)
انظر: المغني (9/ 54)، الإنصاف (10/ 187).
(8)
انظر: نهاية المحتاج (7/ 428).