الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحنابلة (1).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى أن القذف فيه حق للآدمي، والمقصود منه دفع العار، والمقذوف هنا الذي لم يعفُ قد لحقه العار بالقذف، فإذا طلب دفع العار عنه بإقامة حد القذف كان له ذلك (2).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
لكن يُنبَّه إلى أن ابن مفلح في "الفروع" ذكر عن الحنابلة قولًا حاصله: أنه إن عفا بعض الورثة سقط الحد، حيث قال:"وإن مات وورث حد القذف فلوارثه المطالبة. . . وإن عفا بعضهم حدَّه الباقون كاملًا، وقيل: يسقط"(3).
إلا أن فقهاء الحنابلة ذكروا أن ما نقله صاحب الفروع لم يذكره غيره من الحنابلة، وأنه سبق قلم منه، وصوابه:"وقيل: بقسطه"؛ لما في بعض نصوص الحنابلة قولهم: "إن مات بعد طلبه: ملكه وارثه، فإن عما بعضهم حُد لمن طلب بقسطه، وسقط قسط من عفا"(4)، واللَّه تعالى أعلم.
[216/ 3] المقذوف أن كان غائبًا فليس لأبيه ولا لأمه أن يطلب حد القذف ما دام المقذوف حيًّا
.
• المراد بالمسألة: إذا قذف شخص آخر بما يوجب الحد، وكان المقذوف حيًا لكنه كان غائبًا عن البلد، فإن المطالبة بالحد خاصة بالمقذوف، ولا يَحق لوالديه من أب أو أم وإن علوا أن يُطالبوا بالحد بدلًا عن المقذوف.
ويتبين مما سبق أنه لو كان المقذوف ميتًا، أو قُذف وهو حي ثم مات قبل
(1) انظر: المغني (8/ 50)، الفروع (6/ 94)، الإنصاف (10/ 221).
(2)
انظر: الحاوي الكبير (11/ 120)، أسنى المطالب (3/ 379).
(3)
الفروع (6/ 94).
(4)
الإنصاف (10/ 221).
المطالبة، فمطالبة الورثة في هاتين المسألتين غير مرادة.
• من نقل الإجماع: قال ابن المنذر (318 هـ): "وأجمعوا على أن المقذوف إذا كان غائبًا، فليس لأبيه، ولا لأمه أن يطلبا بالقذف ما دام المقذوف حيًّا"(1).
وقال ابن القطان (628 هـ): "وأجمعوا على المقذوف إذا كان غائبًا، فليس لأبيه، ولا لابنه أن يطلب بالقذف ما دام المقذوف حيًا"(2).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك الحنفية (3)، والحنابلة (4).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: أن في القذف حق للآدمي بدفع العار عن نفسه، فلا يستوفى قبل طلبه، كسائر حقوقه (5).
الدليل الثاني: أن القاذف قد يكون صادقًا في قوله، فإعراض المقذوف عن طلب حد القذف قد يكون لصدق القاذف (6).
• المخالفون للإجماع: ذهب بعض الفقهاء إلى أن حد القذف لا يختص بطلبه المقذوف، فمن رفع أمر القاذف للإمام وجب على الإمام قبوله، وإقامة الحد على المقذوف ولو لم يطلب المقذوف إقامة الحد.
وبه قال ابن أبي ليلى (7)، والظاهرية (8).
• دليل المخالف: استدل القائلون باستيفاء حد القذف ولو لم يطلب المقذوف ذلك بما يلي:
الدليل الأول: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جلد أبا بكرة رضي الله عنه، ونافعًا، وشبل بن معبد، حين رآهم قذفة، ولم يشاور في ذلك المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.
(1) الإجماع (114).
(2)
الإقناع في مسائل الإجماع (2/ 250).
(3)
انظر: بدائع الصنائع (7/ 54)، فتح القدير (5/ 323).
(4)
انظر: المغني (9/ 77)، الشرح الكبير (10/ 214).
(5)
انظر: المغني (9/ 77)، المبدع (9/ 86).
(6)
انظر: مجموع الفتاوى (15/ 355).
(7)
انظر: أحكام القرآن للجصاص (3/ 398).
(8)
انظر: المحلى (12/ 256 - 257).