الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول مسائل الإجماع في حقيقة المسكر وحكمه وسبب الحد فيه
[220/ 4] تحريم الخمر
.
• المراد بالمسألة: من الأمور التي حرَّمها اللَّه تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم شرب الخمر، وهذا التحريم لم يخالف فيه أحد من أهل العلم.
والمراد هنا بيان تحريم الخمر، على خلاف بينهم في ضابط الخمر المحرَّم، هل هو خاص بعصير العنب، أو عام في كل عصير، كما سبق بيانه (1).
• من نقل الإجماع: قال ابن المنذر (318 هـ): "وأجمعوا على تحريم الخمر"(2). وقال المهلب بن أبي صفرة (435 هـ): "تحريم الخمر في الكتاب والسنة والإجماع"، نقله عنه ابن بطال (3).
وقال ابن حزم (456 هـ): "الخمر حرام بنص القرآن، وسنة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وإجماع الأمة"(4). وقال ابن عبد البر (463 هـ): "تحريم الخمر المجتمع على تحريمها"(5).
وقال ابن العربي (543 هـ): "وقد ثبت تحريم الخمر باتفاق من الأئمة"(6).
(1) انظر: ص 809 - 810.
(2)
الإجماع (111)، وقال أيضًا (64):"وأجمعوا على أن السكر حرام".
(3)
شرح ابن بطال (6/ 35).
(4)
المحلى (12/ 367)، وقال أيضًا (6/ 176):"صحة الإجماع على تحريم الخمر قليلها وكثيرها"، وقال (1/ 133):"أما الخمر فمحرمة بالنص والإجماع المتيقن".
(5)
الاستذكار (5/ 290)، وقال أيضًا (9/ 18):"واتفق علماء المسلمين أنه لا خلاف في صحة قوله عليه السلام: (كل مسكر حرام) ".
(6)
أحكام القرآن (3/ 134).
وقال ابن هبيرة (560 هـ): "اتفقوا على أن الخمر حرام قليلها وكثيرها، وفيها الحد"(1). وقال المرغينانى (593 هـ): "جاءت السنة متواترة أن النبي عليه الصلاة والسلام حرم الخمر، وعليه انعقد الإجماع"(2).
وقال ابن قدامة (620 هـ): "وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم تحريم الخمر بأخبار تبلغ بمجموعها رتبة التواتر، وأجمعت الأمة على تحريمه"(3) وبمثله قال شمس الدين ابن قدامة (682 هـ)(4). وقال القرطبي (671 هـ): "اتفق العلماء على تحريم قليل الخمر وإن كان لا يسكر"(5).
وقال النووي (676 هـ): "أجمع المسلمون على تحريم شرب الخمر"(6). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ): "فإن خمر العنب قد أجمع المسلمون على تحريم قليلها وكثيرها"(7).
وقال الزركشي (773 هـ): "تحريم الخمر إجماع أو كالإجماع"(8).
وقال ابن حجر (852 هـ): "قام الإجماع على أن قليل الخمر وكثيره حرام"(9). وقال ابن حجر الهيتمي (973 هـ): "أما شرب ما يسكر بالفعل فهو حرام وفسق بالإجماع"(10). وقال البهوتي (1051 هـ): "وأجمع المسلمون على تحريم الخمر"(11).
(1) الإفصاح عن معاني الصحاح (2/ 291).
(2)
الهداية شرح البداية (4/ 109).
(3)
المغني (9/ 135).
(4)
الشرح الكبير (10/ 325).
(5)
تفسير القرطبي (3/ 360)، وقال أيضًا (6/ 289):"أجمع المسلمون على تحريم بيع الخمر والدم".
(6)
شرح النووي (11/ 217).
(7)
الفتاوى الكبرى (3/ 417).
(8)
شرح الزركشي (5/ 141).
(9)
فتح الباري (10/ 66).
(10)
الزواجر عن اقتراف الكبائر (2/ 244).
(11)
دقائق أولي النهى (3/ 361)، وقال في "كشاف القناع" (6/ 116):"السكر اختلاط العقل. . . وهو محرم بالإجماع".
وقال البجيرمي (1221 هـ)(1): "وانعقد الإجماع على تحريم الخمر"(2). وقال الرحيباني (1243 هـ): "السكْر اختلاط العقل. . . وهو محرَّم بالإجماع"(3).
وقال الشوكاني (1250 هـ): "وقد أجمع على ذلك المسلمون إجماعًا لا شك فيه ولا شبهة، وأجمعوا أيضًا على تحريم بيعها والانتفاع بها ما دامت خمرا"(4). وقال ابن عابدين (1253 هـ): "وقد جاءت السنة متواترة أن النبي عليه الصلاة والسلام حرَّم الخمر، وعليه انعقد إجماع الأمة"(5).
وقال ابن قاسم (1392 هـ): "والخمر محرم بالكتاب والسنة والإجماع"(6). وقال الشنقيطي (1393 هـ): "لإجماع جميع المسلمين، ودلالة الكتاب والسنة على تحريم الخمر"(7).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: قول اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)} (8).
• وجه الدلالة: أن اللَّه بيَّن أن الخمر رجس وأنه من عمل الشيطان، وأمر باجتنابه (9).
الدليل الثاني: قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ
(1) هو سليمان بن محمد بن عمر البجيرمي، فقيه، تعلم في الأزهر بمصر، من كتبه:"التجريد" شرح فيه كتاب المنهج في فقه الشافعية، و"تحفة الحبيب على شرح الخطيب"، ولد سنة (1131 هـ)، وتوفي سنة (1221 هـ). انظر: الأعلام 3/ 133، معجم المؤلفين 4/ 275، هدية العارفين 1/ 453.
(2)
تحفة الحبيب على شرح الخطيب (4/ 186).
(3)
مطالب أولي النهى (6/ 210).
(4)
فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية في علم التفسير (2/ 108)، وممن نقل الإجماع ابن ضويان في "منار السبيل" (2/ 378):"أجمع المسلمون على تحريم الخمر".
(5)
رد المحتار على الدر المختار (6/ 449).
(6)
حاشية الروض المربع (7/ 339).
(7)
أضواء البيان (1/ 521).
(8)
سورة المائدة، آية (90).
(9)
انظر: فتح الباري (10/ 31).
كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219)} (1).
• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى بين أن في الخمر إثم، والإثم محرّم كما صرَّح اللَّه به في قوله:{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33)} (2).
الدليل الثالث: عن أنس رضي الله عنه قال: كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة، وكان خمرهم يومئذ الفضيخ (3)، فأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مناديًا ينادي:"ألا إن الخمر قد حُرمت"، فقال لي أبو طلحة: اخرج فأهرقها، فخرجت فهرقتها، فجرت في سكك المدينة، فقال بعض القوم: قد قتل قوم وهي في بطونهم، فأنزل اللَّه:{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)} (4) متفق عليه (5).
الدليل الرابع: عن ابن عمر رضي الله عنه قال: سمعت عمر رضي الله عنه على منبر النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أما بعد، أيها الناس: إنه نزل تحريم الخمر، وهي من خمسة: من العنب، والتمر، والعسل، والحنطة، والشعير، والخمر ما خامر العقل" متفق عليه (6).
الدليل الخامس: عن ابن عمر رضي الله عنه قال: "نزل تحريم الخمر، وإن في المدينة يومئذٍ لخمسة أشربة، ما فيها شراب العنب"(7).
الدليل السادس: عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلًا أهدى لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
(1) سورة البقرة، آية (219).
(2)
سورة الأعراف، آية (33).
(3)
قال الجرجاني في "التعريفات"(1/ 53): "الفضيخ: هو أن يجعل التمر في إناء، ثم يصب عليه الماء الحار، فيستخرج حلاوته ثم يغلي ويشتد".
(4)
سورة المائدة، آية (93).
(5)
أخرجه البخاري في صححه رقم (2332)، ومسلم رقم (1980).
(6)
أخرجه البخاري (4343)، ومسلم (3032).
(7)
أخرجه البخاري رقم (4340).
راوية (1) خمر، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(هل علمت أن اللَّه قد حرمها)، قال: لا، فسارّ إنسانًا، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(بم ساررته)؟ فقال: أمرته ببيعها، فقال:(إن الذي حرم شربها حرم بيعها)، قال: فَفَتح المزادة حتى ذهب ما فيها (2).
الدليل السابع: عن جابر رضي الله عنه: أن رجلًا قدم من جيشان -وجيشان من اليمن- فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة، يقال له المِزْر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(أوَمسكر هو)؟ قال: نعم، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(كل مسكر حرام، إن على اللَّه عز وجل عهدًا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال)، قالوا: يا رسول اللَّه وما طينة الخبال؟ قال: (عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار)(3).
الدليل الثامن: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "لعن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة: عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشتراة له"(4).
وجه الدلالة مما سبق: النصوص السابقة صريحة في تحريم الخمر، وأنها من الكبائر للوعيد الشديد في حق شاربها، من دخول النار، واستحقاق اللعنة، وغير ذلك (5).
(1) الراوية: وعاء يكون فيه الماء. انظر: تاج العروس (38/ 139)، المعجم الوسيط (1/ 384).
(2)
أخرجه مسلم رقم (1579).
(3)
أخرجه مسلم رقم (2002).
(4)
أخرجه الترمذي رقم (1295)، وابن ماجه رقم (3381)، قال الترمذي:"هذا حديث غريب من حديث أنس، وقد روى نحو هذا عن ابن عباس وابن مسعود وابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم".
وأخرجه الحاكم من حديث ابن عباس في "المستدرك"(2/ 37) ثم قال: "حديث صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي، وقال ابن حجر في تلخيص الحبير (4/ 136):"رواته ثقات"، وصححه الألباني من حديث ابن عمر رضي الله عنه كما في إرواء الغليل (8/ 50).
(5)
انظر: التمهيد (15/ 5).