الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع: مسائل الإجماع في عقوبة الزنا
[104/ 2] ثبوت حد الزنا
.
• المراد بالمسألة: إذا أتى شخص امرأة لا تحل له، وفعل معها الزنى بتغييب حشفته في قُبلها، فقد أجمع أهل العلم على أن هذا الفعل موجب لإقامة الحد عليه، وأن هذا الحد شامل للأحكام الخاصة بالحدود، من تحريم تعطيلها أو الشفاعة فيها إذا بلغت الإمام.
فإذا ثبت على شخص أنه ارتكب حد الزنا، وتوفَّرت فيه شروط إقامة الحد، فإن إقامة الحد عليه حينئذ محل إجماع.
• من نقل الإجماع: قال الشافعي (204 هـ): "نزلت: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (1)، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (قد جعل اللَّه لهن سبيلًا، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم) (2) ودل اللَّه ورسوله صلى الله عليه وسلم أن هذا الحد إنما هو على الزناة دون غيرهم لم أعلم في ذلك مخالفًا من أهل العلم"(3). وقال ابن عبد البر (463 هـ): "أجمع فقهاء المسلمين وعلماؤهم من أهل الفقه والأثر من لدن الصحابة رضي الله عنهم إلى يومنا هذا أن المحصن من الزناة حده الرجم"(4).
وقال الخطيب الشربيني (977 هـ): "الحد هو الجلد والتغريب على غير
(1) سورة النور، آية (2).
(2)
أخرجه مسلم رقم (1690).
(3)
الأم (7/ 87).
(4)
التمهيد (7/ 478).
المحصن، والرجم على المحصن بالنص والإجماع" (1).
وقال الرملي (1004 هـ) في مسألة إذا صال شخص على صبي بلواط، وصال آخر على امرأة بزنا فأيُّهما يُدفع أولًا:"قيل: يقدم الأول إذ لا يتصور إباحته، وقيل: الثاني للإجماع على وجوب الحد فيه"(2).
وقال أبو بكر البكري (1310 هـ)(3)"حد الزنا مجمع عليه"(4). وقال محمد الجاوي (1316 هـ)(5): "حد الزنا مجمع عليه"(6).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك الحنفية (7)، والحنابلة (8)، والظاهرية (9).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: مر على النبي صلى الله عليه وسلم بيهودي محمَّمًا مجلودًا، فدعاهم صلى الله عليه وسلم فقال: (هكذا تجدون حد الزاني
(1) مغني المحتاج (5/ 442)، وقال في موضع آخر في مسألة إذا صال شخص على صبي بلواط، وصال آخر على امرأة بزنا فأيُّهما يُدفع أولًا (5/ 528):"يبدأ بصاحب الزنا للإجماع على وجوب الحد فيه".
(2)
تحفة المحتاج (9/ 182).
(3)
هو أبو بكر، عثمان بن محمد شطا البكري، الدمياطي، الشافعي فقيه، متصوف، له عدة مؤلفات منها:"إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين"، و"كفاية الاتقياء في المواريث"، ولد سنة (1266 هـ)، مات سنة (1310 هـ). انظر: الأعلام 4/ 214، معجم المؤلفين 3/ 73، هدية العارفين 1/ 241.
(4)
إعانة الطالبين (4/ 171).
(5)
هو محمد بن عمر الجاوي، من فقهاء الشافعية، فقيه، مفسر، متصوف، له مصنفات منها:"مراقي العبودية"، و"نهاية الزين بشرح قرة العين"، مات سنة (1316 هـ). انظر: الأعلام 6/ 318، معجم المؤلفين 12/ 83، هدية العارفين 2/ 394.
(6)
نهاية الزين (357).
(7)
انظر: المبسوط (9/ 36)، بدائع الصنائع (7/ 55).
(8)
انظر: المغني (9/ 38)، الفروع (6/ 67).
(9)
انظر: المحلى (12/ 3).
في كتابكم؟ )، قالوا: نعم، فدعا رجلًا من علمائهم، فقال:(أنشدك باللَّه الذي أنزل التوراة على موسى، أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ ) قال: لا، ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك، نجده الرجم، ولكنه كثر في أشرافنا، فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، قلنا تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه) فأمر به فرجم. . . الحديث (1).
• وجه الدلالة: في قوله صلى الله عليه وسلم: (هكذا تجدون حد الزاني) دليل على ثبوت حد الزنا.
الدليل الثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد، ولا يثرب عليها، ثم إن زنت فليجلدها الحد، ولا يثرب، ثم إن زنت الثالثة فتبين زناها فليبعها ولو بحبل من شعر)(2).
• وجه الدلالة: قوله صلى الله عليه وسلم: (فليجلدها الحد) دليل على أنه حد.
الدليل الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قضى فيمن زنى ولم يحصن بنفي عام وبإقامة الحد عليه (3).
الدليل الرابع: عن أبي سعيد رضي الله عنه أن رجلًا من أسلم يقال له ماعز بن مالك، أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: إني أصبت فاحشة فأقمه عليّ، فرده النبي صلى الله عليه وسلم مرارًا قال ثم سأل قومه؟ فقالوا: ما نعلم به بأسًا إلا أنه أصاب شيئًا يرى أنه لا يخرجه منه إلا أن يقام فيه الحد، قال فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمرنا أن نرجمه،
(1) أخرجه مسلم رقم (1700)، وبنحوه أخرجه البخاري رقم (4280) من حديث عبد اللَّه بن عمر.
(2)
أخرجه البخاري رقم (2045)، ومسلم رقم (1703).
(3)
أخرجه البخاري رقم (6444).