الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يلتزم أحكام المسلمين، ولذا لم تلزمه أحكام الإسلام (1).
النتيجة:
ثمة مسألتان: الأولى: الذمَّي إذا قذف مسلمًا أقيم عليه الحد، فهذه محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف.
الثانية: الحربي والمستأمن إذا قذف المسلم أقيم عليه الحد، فهذه ليست محل إجماع بين أهل العلم، لثبوت الخلاف عن الشافعية، واللَّه تعالى أعلم.
[172/ 3] الكافر إذا أسلم فلا يؤاخذ بما فعله حال كفره من القذف في دار الحرب
.
• المراد بالمسألة: إذا ثبت حد القذف على شخص، وكان قد فعل القذف في دار الحرب أثناء كونه كافرًا، ثم تاب وأسلم، أو صار من أهل الذمة، فإنه لا يؤخذ بما فعل حال حربيَّته أو كفره من القذف.
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم (456 هـ): "وقد صح النص والإجماع بإسقاطه، وهو ما أصابه أهل الكفر ما داموا في دار الحرب قبل أن يتذمموا أو يسلموا فقط، فهذا خارج بفعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في كل من أسلم منهم، فلم يؤاخذهم بشيء مما سلف لهم من قتل، أو زنى، أو قذف، أو شرب خمر، أو سرقة، وصح الإجماع بذلك"(2).
وقال ابن عبد البر (463 هـ): "وقد أجمع علماء المسلمين على أن الكفار إذا انتهوا وتابوا من كفرهم غفر لهم كل ما سلف، وسقط عنهم كل ما كان لزمهم في حال الكفر، من حقوق اللَّه عز وجل وحقوق المسلمين قبل أن يقدروا عليهم، وبعد أن يقدروا عليهم ويصيروا في أيدي المسلمين فلا يحل قتلهم بإجماع المسلمين، ولا يؤخذ بشيء جنوه في مال أو دم، فدل ذلك على
(1) انظر: تحفة المحتاج (9/ 119)، مغني المحتاج (5/ 461).
(2)
المحلى (12/ 31)، وقال أيضًا في مراتب الإجماع (132):"واتفقوا أن الحربي لا يقام عليه بعد ذمته أو إسلامه حد زنا كان منه قبل ذلك، ولا قتل مسلم أو غيره ولا قذف ولا خمر ولا سرقة ولا يغرم ما أتلف من مال المسلم أو غيره".
أن الآية تنزل في أهل الشرك والكفر" (1).
ويمكن أن يضاف إليها النقولات التي سبقت في مسألة "ما فعله الحربي في دار الحرب من زنى فإنه لا يؤاخذ به بعد إسلامه"، ومسألة:"ما فعله الذمي في دار الكفر من زنى فإنه لا يؤاخذ به بعد إسلامه"(2).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ (38)} (3).
قال البغوي في تفسير الآية: "فمن ذهب إلى أن الآية نزلت في الكفار، قال معناه: إلا الذين تابوا من شركهم وأسلموا قبل القدرة عليهم فلا سبيل عليهم بشيء من الحدود ولا تبعة عليهم فيما أصابوا في حال الكفر من دم أو مال"(4).
الدليل الثاني: عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله)(5).
• وجه الدلالة: الحديث دل على أن من أسلم فإن الإسلام يهدم ويمحو أثر ما فعله الشخص في الكفر، قال النووي:"الدخول فى الإسلام بالظاهر والباطن جميعًا، وأن يكون مسلمًا حقيقيًا، فهذا يُغفر له ما سلف فى الكفر بنص القرآن العزيز، والحديث الصحيح: (الإسلام يهدم ما قبله)، وباجماع المسلمين"(6).
النتيجة:
المسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
(1) الاستذكار (7/ 551).
(2)
انظر: المسألتين برقم 136 و 137.
(3)
سورة الأنفال، آية (38).
(4)
معالم التنزيل (3/ 50).
(5)
أخرجه مسلم رقم (121).
(6)
شرح النووي (2/ 136).