الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحرز أصلًا وإنما جاء عن بعضهم "حتى يخرج من الدار" وقال بعضهم "من البيت" وليس هذا دليلًا على ما ادعوه من الحرز، مع الخلاف الذي ذكرنا عن عائشة، وابن الزبير في ذلك" (1).
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة ليست محل إجماع بين أهل العلم؛ للخلاف المنقول فيها عن عائشة رضي الله عنها، والنخعي، وسعيد بن المسيب، وعبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، والحسن البصري، وهو مذهب الظاهرية.
[78/ 1] المسألة الثامنة والسبعون: لا قطع فيمن سرق صبيًا حرًا يُعبِّر عن نفسه
.
• المراد بالمسألة: أولًا: تعريف الصبي: الصبي لغةً: الصِّبا يطلق في اللغة على ثلاث معان:
قال الرازي: "الصَّبْيُّ: الغلام، والجمع: صِبْية، وصِبْيانٌ، ويقال: صبي بيِّن الصِّبَا والصَّبَاءِ -إذا فتحت مددت وإذا كسرت قصرت-، والجارية صَبِيَّةٌ، والجمع الصَّبَايَا، مثل: مطية ومطايا.
والصِّبَا أيضًا: من الشوق، يقال منه: تَصَابَى، وصَبَا يصبو صَبْوةً وصُبُّوًّا: أي مال إلى الجهل والفتوة. . .
والصَّبَا: ريح، ومهبها المستوي أن تهب من مطلع الشمس إذا استوى الليل والنهار، ومقابلتها الدبور" (2).
• الصبي اصطلاحًا: المراد بالصبي هنا هو الغلام صغير السِّن دون البلوغ، وحدَّه آخرون بأنه من الولادة إلى أن يُفطم (3).
والقول الأول هو الأقرب -واللَّه أعلم-؛ لأن المسألة هي في الصبي الذي يُعبِّر عن نفسه، والصبي قبل الفطام لا يستطيع أن يُعبر عن نفسه.
(1) المحلى (12/ 311).
(2)
مختار الصحاح، باب: الصاد، (375)، وانظر: الصحاح (7/ 248).
(3)
معجم لغة الفقهاء (270).
• ثانيًا: صورة المسألة: لو ثبتت السرقة على شخص بما يوجب القطع، وكان المسروق صبيًا حرًا يعبر عن نفسه، فلا قطع، وكذا لو كان حرًا كبيرًا يعبر عن نفسه فهو كذلك من باب أولى (1)، إذ العبرة في المسألة أن يكون حرًا، وأن يعبر عن نفسه.
ويتبين من هذا أن المسروق لو كان صبيًا حرًا لكنه لا يعبر عن نفسه، وكذا لو كان كبيرًا لكنه لا يعبر عن نفسه لجنون أو زيادة الكبر أو نحو ذلك، أو كان المسروق عبدًا صغيرًا أو كبيرًا، فكل ذلك ليس مرادًا في مسألة الباب.
• من نقل الإجماع: قال الكاساني (587 هـ): "إن كان -أي الحر الصبي- يعبِّر عن نفسه لا يقطع بالإجماع"(2).
• مستند الإجماع: علل الفقهاء للمسألة بما يلي:
1 -
أن من شرط السرقة أن يكن المسروق مالًا متقومًا، والحر ليس بمال.
2 -
لأن الذي يعبر عن نفسه لا يمكن سرقته بأخذه من الحرز، وإنما يكون أخذه من باب خداعه (3).
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
• إلا أن ثمة تنبيهان:
الأول: ظاهر إطلاق الحنابلة في كتبهم أن ثمة رواية عن أحمد بوجوب القطع على من سرق الحر الصغير، ولم يقيدوا بكونه مميزًا، أو غير مميز، لكن شمس الدين ابن قدامة لما ذكر المسألة قال:"ظاهر المذهب أنه لا يقطع بسرقة الحر الصغير. . . " عن أحمد رواية ثانية: أنه يقطع بسرقة الصغير، وذكرها
(1) سبق تحقيق الإجماع في مسألة من سرق حرًا كبيرًا، وذلك ضمن المسألة الخامسة والستون تحت عنوان:"لا قطع في سرقة إنسان حر كبير".
(2)
بدائع الصنائع (7/ 80).
(3)
المبسوط (9/ 161).