الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[38/ 1] المسألة الثامنة والثلاثون: لو سرق حديدًا أو رصاصًا أو صفرًا وجعله أواني، فإن كان يباع عددًا فهو للسارق
.
• المراد بالمسألة: أولًا: تعريف الحديد والرصاص والصُّفر: الحديد: هو عنصر كيميائيّ، فلزي، فضي اللون، ويتم الحصول عليه من بعض أنواع الصخور أو الخامات، وقلَّما يظهر هذا الفِلِز في حالة نقية (1).
الرصاص: عنصر كيميائي فلِزِّي، ليِّن، ثقيل، لونه رماديٌّ يميل إلى الزُّرقة، يستخرج من المناجم التي في باطن الأرض (2).
(1) ويمكن طرقُه وتحويله إلى ألواح، أو سحبُه لصنع أسلاك دقيقة، ويتَّحد الحديد مع الأكسجين ليكوِّن أكسيد الحديد، الذي يعرف بصدأ الحديد. وتحتاجه كافة النباتات والحيوانات والبشر في أجسامها، وكذا هو من المواد الصناعية المهمَّة؛ لأنه المادة الأساسية لكثير من الصناعات. انظر: معجم الكيمياء لميرفانا سلامة (76)، المنجد في الكيمياء لبوسيف ويفيموف (185)، الكيماء الطريفة لنصرت بيرقدار (157).
(2)
وهو معدن، من أقدم الفلزات المعروفة في العالم، وقد استخدم الناس الرصاص لآلات السنين في صنع أنابيب المياه، وفي صناعة أواني الفخار وأغراض أخرى، أما اليوم فقد أصبح الرصاص مهمًا لكثير من الصناعات، خصوصًا في صناعة المواد الكيميائية، والطاقة النووية، والنفط، ومن الاستخدامات أنَّ أغطية الكبلات المصنوعة من الرصاص تحمي كلًا من الهواتف وخطوط القدرة الكهربائية من الرطوبة والتآكل، وكذا يستخدم في صناعة بطاريات التخزين الحمضية الرصاصية، حيث تحتوي هذه البطاريات على الرصاص النقّي ومركبات الرصاص. وبسبب لينه يُمزج مع بعص الفلزات الأخرى كالقصدير، والإثمد، لأجل أن يقوى، والرصاص من أقدم الفلزات المعروفة في العالم، رمزه الكيميائي (Pb)، كثافته:(34، 11) وينصهر عند درجة (327 م)، والواقع أن مقدار ما يستخدم من الرصاص أكثر بكثير من كمية الرصاص المستخرج من المناجم، حيث بلغت كمية الرصاص المستهلكه سنويًا على النطاق العالمي يقرب من (5.5) ملايين طنٍّ متريّ، في حين أن كمية الرصاص المستخرج من المناجم سنويًا تبلغ نحو (3) ملايين طن متري فقط، ويتم الحصول على الباقي -فارق الاستهلاك- بإعادة =
الصُّفْر: قال ابن منظور: "الصُّفْر النُّحاس الجيد، وقيل الصُّفْر ضرْب من النُّحاس، وقيل هو ما صفر منه، واحدته صُفْرة"(1).
والحاصل أن الصُّفر -بضم الصاد، وكسرها لغة- يطلق عند العرب على النحاس، أو على ضرب من النحاس وهو النحاس الأصفر، والواحد والجمع فيه سواء، ويجمع أيضًا على أصفار (2).
• والمراد به اصطلاحًا: هو ما يعرف في العصر الحديث بالنحاس الأصفر، وسبيكة من النحاس والخارصين (3).
• ثانيًا: صورة المسألة: لو سرق شخص مالًا غير ذهب وفضة، ثم غيَّر في المال بأن سرق حديدًا ثم جعله آنية أو بابًا أو نحو ذلك، وكان بيع ذلك عن طريق العدد، لا الوزن، فإن المال المسروق لا يرجع إلى صاحبه وإنما على من سرق ضمانها.
ويتبين مما سبق أن المال المسروق لو كان ذهبًا أو فضةً فإنه غير داخل في مسألة الباب، وكذا لو كان الحديد أو غيره من المال المسروق مما يباع وزنًا، فإنه غير مراد في مسألة الباب.
= استعمال الخردة، وتعتبر أستراليا والولايات المتحدة والصين وبيرو وكندا من أبرز الأقطار المنتجة للرصاص. انظر: المعجم الوسيط (1/ 516)، معجم الكيمياء (112)، المنجد في الكيماء (197)، الكيمياء الطريفة (145)، موسوعة في علم الكيمياء لأحمد إسلام (274).
(1)
لسان العرب، مادة:(صفر)، (4/ 460).
(2)
انظر: تهذيب اللغة (12/ 119)، المعجم الوسيط (1/ 516).
(3)
وقد تُضاف عناصر أخرى، ويستعمل الصُّفْر على نطاق واسع في صنع المكونات الصلبة، كالأواني، والأباريق المجوفة، والمثبتات الكهربائية، والمجوهرات الرخيصة، والزخارف، وتتراوح كمية النحاس المستخدمة في الصُّفْر بين 55 % وأكثر من 95 %، ويختلف لون الصُّفْر وخواصه باختلاف تركيبه. انظر: معجم الكيمياء (283 - 284)، المنجد في الكيمياء (383)، الكيمياء الطريفة (161)، الفلزات الخفيفية وسبائكها للدهشان (274).
• من نقل الإجماع: قال الكاساني (587 هـ): "لو غصب صفرًا، أو نحاسًا، أو حديدًا، فضربه آنية يُنظر: إن كان يُباع وزنًا فهو على الخلاف الذي ذكرنا في الذهب والفضة؛ لأنه لم يخرج بالضرب والصناعة عن حد الوزن، وإن كان يباع عددًا ليس له أن يسترده بلا خلاف"(1)، وحكى الإجماع في موضع آخر فقال:"لو سرق حديدًا، أو صفرًا، أو نحاسًا، أو ما أشبه ذلك، فضرَبها أواني، يُنظر إن كان بعد الصناعة والضرب تباع وزنًا فهو على الاختلاف الذي ذكرنا، وإن كانت تباع عددًا فيقطع حق المالك بالإجماع"(2). وقال ابن نجيم (970 هـ): "في الحديد، والرصاص، والصفران جعله -أي السارق- أواني: فمان كان يباع عددًا فهو للسارق بالإجماع"(3). وقال دامان (1078 هـ): "لو جعل -أي السارق- الحديد، والرصاص أواني، فإن كان يباع عددا فهو للسارق بالإجماع"(4).
• مستند الإجماع: علل الفقهاء لمسألة الباب بأن فعل الغاصب في المال المسروق يعتبر استهلاكًا للمال، أو هو في معنى الاستهلاك، فكأن السارق استهلك ما سرقه، وحينئذ فيستحق صاحب المال المسروق القيمة (5).
• المخالفون للإجماع: ذهب جماعة من أهل العلم إلى وجوب رد المال المسروق لصاحبه فيما لو سرق حديدًا أو نحاسًا أو رصاصًا أو نحوه وجعله أواني، وكان مما يباع بالعدد، وهو مذهب الشافعية (6)، والحنابلة (7).
• دليل المخالف: علل القائلون بوجوب الرد بأن السارق متعد بسرقته وعمله في المال المسروق، فهو قد تصرف فيما ليس له، لذا يجب عليه رد ما أخذ (8).
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة ليست محل إجماع بين أهل العلم.
(1) بدائع الصنائع (7/ 149 - 150).
(2)
بدائع الصنائع (7/ 90).
(3)
انظر: البحر الرائق (5/ 72).
(4)
مجمع الأنهر (1/ 682).
(5)
بدائع الصنائع (7/ 148).
(6)
انظر: الحاوي الكبير (13/ 342).
(7)
انظر: مطالب أولي النهى (6/ 250).
(8)
انظر: مطالب أولي النهى (6/ 250).
بل إن المسألة ليست محل اتفاق بين المذاهب الفقهية الأربعة؛ لوجود الخلاف من الشافعية، والحنابلة، ويُحمل كلام الكاساني، وابن نجيم، ودامان على أن المراد نقل الإجماع المذهبي، أي في مذهب الحنفية.