الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في المحاربين: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34)} (1).
• المخالفون للإجماع: ثمة وجه عند الشافعية أن المحارب إن أخذ المال في حرابته ثم تاب قبل القدرة فإنه يسقط عنه حد الحرابة المختص بالقتل أو القتل والصلب أو قطع الرجل، أما قطع اليد فإنه لا يسقط، قياسًا على السارق فيما لو تاب قبل القدرة عليه (2).
وأشار ابن حزم إلى الخلاف في المسألة دون ذِكر الخلاف حيث قال في معرض كلامه على المحاربين: "وَاخْتلفُوا فيم تاب قبل أَن يظفر به، أيسقط عنه الحد أم لا"(3).
وقد سبق أن ثمة خلافًا في المحارب هل هو خاص بالمشرك، أو هو في المسلم، فإن جماعة من السلف يرون أن المحارب لا يكون إلا من أهل الشرك، وعليه فيرون أن المسلم إذا حارب ثم تاب قبل القدرة عليه فإن التوبة لا تسقط الحد عنه، وقد سبق بيان ذلك في المسألة العاشرة من مسائل قطاع الطريق.
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة ليست محل إجماع محقق بين أهل العلم.
[39/ 2] المسألة التاسعة والثلاثون: حد الحرابة لا يقبل الفداء
.
• المراد بالمسألة: لو ثبتت الحرابة على شخص أو جماعة فواجب على الإمام أن يقيم عليهم حد الحرابة، ولا يصح أن يقبل منهم فداء من مال أو غيره لإسقاط حد الحرابة عنهم.
وبه يتبين أن هذا الفداء لو كان لولي المقتول في الحرابة فذلك غير مراد في
(1) سورة المائدة، آية (34).
(2)
انظر: الإفصاح عن معاني الصحاح (2/ 217)، المجموع (20/ 107).
(3)
مراتب الإجماع (212).
مسألة الباب؛ لأنه سبق أن ثمة من ذهب إلى أن الحرابة لولي المقتول له فيها أن يعفو.
• من نقل الإجماع: قال ابن تيمية (728 هـ): "قد أجمع المسلمون على أن تعطيل الحد بمال يؤخذ، أو غيره، لا يجوز، وأجمعوا على أن المال المأخوذ من الزاني، والسارق، والشارب، والمحارب، وقاطع الطريق ونحو ذلك لتعطيل الحد، مال سحت خبيث"(1).
وكلام شيخ الإسلام وإن كان ظاهره العموم سواء كان آخذ المال ولي المقتول أو الإمام، لا سيِّما وأنه قد نقل الاتفاق قبل ذلك أنه ليس لولي المقتول بالحرابة العفو، لكن صرفتُه عن ظاهره وجعلتُه خاصًا بالإمام أو نائبه، لتخرج مسألة الخلاف المذكور في ولي المقتول، ويستقيم كلام ابن تيمية رحمه الله.
وقال الحافظ ابن حجر (852 هـ): "الحد لا يقبل الفداء، وهو مجمع عليه في الزنا والسرقة والحرابة وشرب المسكر"(2).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى قول اللَّه تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33)} (3).
• وجه الدلالة: الآية تدل على أن الحرابة لحد للَّه عز وجل، وقد تقرر أن من الأمور المجمع عليها أن الحدود لا تسقط إذا بلغت الإمام، كما سبق بيانه في كتاب السرقة (4).
(1) مجموع الفتاوى (28/ 303).
(2)
فتح الباري (12/ 141).
(3)
سورة المائدة، آية (33).
(4)
انظر: المسألة السابعة تحت عنوان: "السارق إذا بلغ الإمام لم تجز الشفاعة فيه".
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.