الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال البابرتي (786 هـ): "المعتبر في قيمة المسروق أن يكون يوم السرقة ويوم القطع عشرة دراهم، فإن نقص عن ذلك قبل القطع في العين لم يمنع عن الاستيفاء بالاتفاق"(1).
وحكى ابن الهمام (861 هـ) الاتفاق على ذلك (2). وقال ابن يونس الشلبي (947 هـ)(3): "إذا كانت ذات العين ناقصة وقت الاستيفاء والباقي منها لا يساوي عشرة يقطع بالاتفاق"(4).
• مستند الإجماع: يعلل الفقهاء لهذه المسألة بأمور:
1 -
أن العبرة اعتباره حين الأخذ من الحرز.
2 -
إن ما أخذه يُعد دينًا في ذمته، ولا يمكن أن يسقط القطع بتصرفه فيما هو عليه دين في ذمته، ولو سقط الحد بإتلافه لكان كل سارق أراد إسقاط الحد أتلف ما سرقه.
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[56/ 1] المسألة السادسة والخمسون: من سرق من ذي رحم غير محرم فإنه يقطع
.
• المراد بالمسألة: إذا ثبتت السرقة على شخص بما يوجب الحد، وكان السارق قد سرق المال من قريب له ذي رحم، لكنه غير محرم، كابن عمه، أو
(1) انظر: العناية شرح الهداية (5/ 407).
(2)
انظر: فتح القدير (5/ 407)، (5/ 417).
(3)
هو أحمد بن يونس بن محمد، أبو العباس شهاب الدين، المعروف بابن الشلبي، الفقيه الحنفي، المصري، من كتبه:"حاشية على تبيين الحقائق"، و"الفتاوي"، جمعها حفيده علي بن محمد المتوفي سنة (1010) هـ، ورتبها على أبواب الكنز، و"الدرر الفرائد"، توفي بالقاهرة سنة (947 هـ). انظر: شذرات الذهب: 8/ 267، الأعلام 1/ 276؛ هدية العارفين 1/ 153.
(4)
حاشية على تبيين الحقائق (3/ 230).
ابن خاله، أو غيرهما، فينه يجب عليه القطع، ولا يعتبر مجرد كونه ذي رحم أن ذلك من جملة الشُّبه التي تدرأ بها الحدود.
ويتحصل مما سبق أن لو كان ثمة شبهة دارئة للحد كأن يكونا في مسكن واحد، أو بينهما مال مشترك، أو نحو ذلك، فليس هذا مردًا في مسألة الباب، وإنما المقصود أن مجرد السرقة من القريب غير ذي الرحم لا يعد شبهة دارئة للحد.
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم (456 هـ): "اتفقوا كلهم أنه يقطع فيما سرق من ذي رحمه غير المحرمة"(1). وقال الكاساني: "لو سرق من ذي رحم غير محرم يقطع بالإجماع"(2).
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب:
1 -
قول اللَّه تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)} (3).
• وجه الدلالة: عموم الآية، ويدخل فيها من سرق من ذي الرَّحِم غير المحرمة، وليس ثمَّة دليل يخرجه من هذا العموم.
2 -
من النظر: أن من سرق من ذي رحم غير محرم فكأنه سرق من أجنبي، فإن المباسطة بالدخول عليه ليست كالمباسطة بدخول ذي الرحم، ولا يوجد ما يدل على شبهة يُدرأ بها الحد، فبقي الحكم على أصله من وجوب الحد (4).
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
(1) المحلى (12/ 334).
(2)
بدائع الصنائع (7/ 74).
(3)
سورة المائدة، آية (38).
(4)
انظر: بدائع الصنائع (7/ 74).