الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وجه الدلالة من الأحاديث الثلاثة: في هذه الأحاديث وعيد لمن جاء إلى المنجمين، أو لمن صدقهم في زعمهم بادعائهم علم الغيب، وهذا الوعيد إذا ثبت في حق من أتاهم، أو صدقهم، فكيف بالمباشرين له.
6 -
من النظر: أن المنجمين يدَّعون علم الغيب، وهذا تكذيب لقول اللَّه تعالى:{قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65)} (1).
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم (2).
[3/ 4] المسألة الثالثة: تحريم الضرب بالحصى
.
• المراد بالمسألة: الضرب بالحصى نوع من الكهانة، يدَّعي بها صاحبها معرفة المغيبات عن طريق الضرب بالحصى، بأن يضرب بالحصى، فإن وقعت في مكان كذا كان خيرًا، وإن وقعت في مكان كذا كان شرًا، فهو جامع بين التكهن والطيرة.
• من نقل الإجماع: قال شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ): "الضارب بالحصى ونحوهم فما يعطى هؤلاء حرام، وقد حكى الإجماع على تحريمه غير
= (4/ 158)، الضعفاء والمتروكين للنسائي (61)، الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (2/ 119)، تهذيب التهذيب (5/ 164)
(1)
سورة النمل، آية (65).
(2)
ينبه إلى أنه ظهر في الآونة الأخيرة من ينافح عن هذا العلم سيِّما في بعض القنوات الفضائية، يزعمون أنه من العلوم الإلهية التي لا تمنح إلا لصاحب مقام شريف عند اللَّه تعالى، ويستدل على جوازه بأدلة من القرآن يقول اللَّه تعالى:{وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (16)} [النحل: 16]، وقوله تعالى:{فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (88) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ (89)} [الصافات: 88 - 89]، إلى غير ذلك من الأدلة التي يتمسك بها هؤلاء، وهي صرف للفظ القرآن عن ظاهرة، وتكذيب لأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم الدالة على تحريم التنجيم، وإنما أعرضنا عن ذكرها خلافًا لمسالة الباب؛ لأن القائلين بها ممن لا يعتد بخلافهم، واللَّه تعالى أعلم.
واحد من العلماء" (1). وقال ابن حجر (852 هـ): "حلون الكاهن، وهو حرام بالإجماع. . . وفي معناه التنجيم، والضرب بالحصى، وغير ذلك مما يتعاناه العرافون من استطلاع الغيب" (2).
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب ما يلي:
1 -
عن قبيصة بن مخارق رضي الله عنه (3) قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: (العيافة (4)، والطيرة، والطرق من الجبت) (5).
والطرْق: هو الضرب بالحصى، وأصل الطرق: الضرب، ومنه سميت مطرقة الصائغ والحداد؛ لأنه يطرق بها (6).
2 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا عدوى ولا طيرة)(7).
(1) مجموع الفتاوى (35/ 194).
(2)
فتح الباري (4/ 427)، ونقله عنه المباركفوري في تحفة الأحوذي (4/ 238).
(3)
هو أبو بشر، قبيصة بن المخارق بن عبد اللَّه بن ضداد بن ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر بن صعصعة العامري الهلالي، عداده في أهل البصرة، وقد على النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه أبو عثمان النهدي وابنه قطن بن قبيصة. انظر: تهذيب الكمال 23/ 492، الإصابة 5/ 410.
(4)
العيافة في اللغة تطلق على الزجر، والحدس والظن، يقال: عاف يعيف عيفًا إذا زجر وحدس وظن.
وهو في الاصطلاح نوع من الكهانة يُراد به زجر الطير ثم التخرص على الغيب بالخير أو الشر، والتخرص بالطير يكون اعتمادًا على اسمها، أو صفتها، أو جهة طيرانها. انظر: شرح السنة للبغوي (12/ 177)، تهذيب اللغة (3/ 147).
(5)
أخرجه أحمد (25/ 256)، وأبو داود (رقم: 3907)، وحسن النووي إسناده كما في رياض الصالحين (574)، كما حسن ابن تيمية إسناده في مجموع الفتاوى (35/ 192)، وضعفه الألباني كما في ضعيف الترغيب والترهيب (2/ 148)؛ لأن في سنده حيان بن علاء، وهو مجهول، قال عنه ابن حجر في تقريب التهذيب:"مقبول".
(6)
انظر: شرح السنة للبغوي (12/ 177).
(7)
صحيح البخاري (رقم: 5380)، وصحيح مسلم (رقم: 2220).