الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني مسائل في شروط حد السرقة
[39/ 1] المسألة التاسعة والثلاثون: من شروط إقامة حد السرقة أن يكون السارق بالغًا
.
• المراد بالمسألة: إذا ثبت حد السرقة بما يوجب القطع، على شخص لم يبلغ، سواء كان ببينة أو إقرار، فإنه لا يحد؛ لأن البلوغ شرط من شروط إقامة الحد على السارق، ولا يقام الحد إلا بعد توفر هذا الشرط (1).
• من نقل الإجماع: قال الشافعي (204 هـ): ". . . أن عليًا رضي الله عنه أُتي بصبي قد سرق بيضة، فشك في احتلامه، فأمر به، فقطعت بطون أنامله، وليسوا (2)، ولا أحد علمته يقول بهذا، يقولون: ليس على الصبي حد حتى يحتلم، أو يبلغ خمس عشرة"(3). وقال ابن قدامة (620 هـ): "أما البلوغ والعقل فلا خلاف في اعتبارهما في وجوب الحد، وصحة الإقرار"(4). وقال شمس الدين ابن قدامة (682 هـ): "أما البلوغ والعقل فلا خلاف في اعتبارهما في وجوب الحد وصحة الإقرار"(5).
• مستند الإجماع: من الأدلة على اشتراط البلوغ للقطع أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشب، وعن المجنون حتى يعقل)(6).
(1) انظر: تعريف البلوغ في اللغة والاصطلاح.
(2)
هذا اللفظ يذكره الشافعي كثيرًا في كتابه "الأم" ويريد به: ليس أهل العلم على هذا القول.
(3)
الأم (7/ 191).
(4)
المغني (9/ 61).
(5)
الشرح الكبير (10/ 119).
(6)
أخرجه أحمد (2/ 245)، والترمذي (رقم: 1423)، وأبو داود (رقم: 4403)، من حديث علي رضي الله عنه. وأخرجه أحمد (41/ 224)، وأبو داود (رقم: 4398)، والنسائي، (رقم 3432)، وابن ماجه والنائم، (رقم: 2041).
• وجه الدلالة: أن المراد بقوله: "حتى يشب" أي يبلغ كما بيَّنَته بعض الروايات عند أحمد بلفظ: (رفع القلم عن ثلاثة: عن الصغير حتى يبلغ. . .) الحديث (1)، وعند أبي داود بلفظ:(وعن الصبي حتى يبلغ)(2).
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة؛ لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم، على خلاف بينهم في ضابط البلوغ كما سبق بيانه.
= والحديث روي أيضًا من طرق مرسلة عن علي رضي الله عنه، وثمة طريق متصل من رواية الأعمش عن أبي ضبيان عن ابن عباس عن عمر رضي الله عنه، لكن اختلف أهل العلم في رفعها ووقفها، فصوب ابن حجر الوقف كما في التلخيص (1/ 328 - 331)، بينما اختار الألباني أن له حكم الرفع، فقال في الإرواء إرواء الغليل (2/ 5): "وأما حديث علي فله عنه طرق:
عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال: "أتي عمر بمجنونة قد زنت فاستشار فيها أناسًا فأمر بها عمر أن ترجم فمر بها على علي بن أبي طالب رضوان اللَّه عليه فقال: ما شأن هذه؟ قالوا: مجنونة بني فلان زنت فأمر بها عمر أن ترجم قال: ارجعوا بها ثم أتاه فقال: يا أمير المؤمنين: أما علمت أن القلم قد رفع عن ثلاثة عن المجنون حتى يبرأ وعن النائم حتى يستيقض وعن الصبي حتى يعقل؟ قال: بلى قال: فما بال هذه ترجم؟ قال لا شيء قال: فأرسلها قال: فجعل عمر يكبر)، وفي رواية: قال: أوما تذكر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقيظ وعن الصبي حتى يحتلم؟ قال: صدقت قال: فخلى عنها"، رواه أبو داود وابن خزيمة في صحيحه، وعنه ابن حبان والحاكم كلاهما بالروايتين والدارقطني بالرواية الثانية من طرق عن الأعمش عن أبي ظبيان به، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
قلت: وهو كما قالا ولا يضره إيقاف من أوقفه لأمرين: الأول: أن من رفعه ثقة والرفع زيادة فيه يجب قبولها، الثاني: أن رواية الوقف في حكم الرفع لقول علي لعمر: أما علمت، وقول عمر: بلى، فذلك دليل على أن الحديث معروف عندهم".
(1)
أخرجه أحمد (2/ 254).
(2)
أخرجه أبو داود، كتاب: الحدود، باب: في المجنون يسرق أو يصيب حدًا، (4402).