الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9)} (1).
• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى أباح مقاتلة الباغي حتى يرجع للحق، فيدل على جواز قتله إن لم يمكن دفع شره إلا بذلك.
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
إلا أن هذا الإجماع محلَّه فيما إذا كان قتل الباغي حال الحرب، ولم يمكن دفع شر أهل البغي إلا بالقتل، وهي داخلة في المسألة السابقة، واللَّه تعالى أعلم (2).
[6/ 3] المسألة السادسة: سبي ذرية البغاة حرام
.
• المراد بالمسألة: أولًا: تعريف السبي: قال ابن فارس في تعريف السبي: "السين والباء والياء أصلٌ واحد يدلُّ على أخذِ شي من بلد إلى بلد آخر كرْهًا، من ذلك السَّبْيُ، يقال: سَبَى الجارَيةَ يَسبيها سبْيًا فهو سابٍ، والمأخوذة سَبِيَّة"(3).
وقال ابن الأثير: "السَّبي: النَّهبُ وأخذُ الناس عَبيدًا وإماءً"(4).
وقال ابن منظور: "السَّبْيُ والسِّباءُ الأَسْر، معروف، سَبَى العدوَّ وغيرَه سَبْيًا وسِباءً إذا أَسَرَه: فهو سَبِيٌّ"(5). فالسبي يراد به النهب والأسر، والنقل من بلد إلى آخر.
(1) سورة الحجرات، آية (9).
(2)
لا يشكل على نقل الإجماع في المسألة كلام ابن حزم في المحلى (11/ 337 - 33) في معرض رده على من قال بأن قتل الباغي قبل الإسار مباح، فإنه ناقش القول من حيث العموم، أما بالقيود المذكورة في صورة المسألة وهي كون القتل حال حرب الباغي لا حال قعوده عن الحرب، فذلك إجماع ولم يتطرق ابن حزم لنقاشه، واللَّه أعلم.
(3)
مقاييس اللغة، مادة:(سبى)(3/ 101).
(4)
النهاية في غريب الأثر، مادة (سبا)، (2/ 340).
(5)
لسان العرب مادة: (سبى)، (14/ 367).
وفي الاصطلاح: هو أسر أهل الحرب من أهل القتال وذراريهم.
• ثانيًا: صورة المسألة: لو أن جماعة من البغاة خرجوا على الإمام، فليس لأهل العدل أن يسبوا أحدًا من نسائهم أو ذراريهم، الذين ليس لهم أمر في الخروج.
ويتبين من هذا أن الذرية أو النساء لو كان لهم أمر في الخروج، أو الحرب، أو البغي على الإمام، فسبيهم غير مراد في مسألة الباب.
• من نقل الإجماع: قال الموفق ابن قدامة (620 هـ): "أما غنيمة أموالهم -أي البغاة-، وسبي ذريتهم، فلا نعلم في تحريمه بين أهل العلم خلافًا"(1).
وقال شمس الدين ابن قدامة (682 هـ): "ولا يغنم لهم مال ولا يسبى لهم ذرية، ولا نعلم في تحريمه بين أهل العلم خلافًا"(2). وقال ابن المرتضى (840 هـ): "لا يجوز سبيهم ولا اغتنام ما لم يَجْلِبوا به إجماعًا؛ لبقائهم على الملة"(3)، ونقله عنه الشوكاني (4).
• مستند الإجماع: علل الفقهاء لمسألة الباب بأن البغاة معصوموا الدم في الأصل، وإنما أبيح من دمائهم وأموالهم ما حصل من ضرورة دفعهم وقتالهم، فيبقى ما عداه على الأصل (5).
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
(1) المغني (9/ 10).
(2)
الشرح الكبير (11/ 67).
(3)
البحر الزخار الجامع لمذاهب الأمصار (1/ 420).
(4)
نيل الأوطار (7/ 202)، وانظر: المسوعة الكويتية (4/ 208)، حيث قال:"وقد اتفق الفقهاء على عدم جواز سبي نساء البغاة وذراريهم".
(5)
انظر: المغني (9/ 10).