الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقالوا: "رسول اللَّه إن هذا سرق، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(ما إخاله سوق)، فقال السارق: بلى يا رسول اللَّه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(اذهبوا به فاقطعوه، ثم احسموه، ثم إيتوني به)، فقطع ثم أتي به، فقال:(تب إلى اللَّه)، فقال: تبت إلى اللَّه، فقال:(تاب اللَّه عليك)(1).
2 -
أن الحسْم طريق لأن ينكفَّ الدم، وإن استمرار سيلان الدم قد يؤدي إلى التلف، والحد إنما يراد به الزجر لا الإتلاف (2).
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[101/ 1] المسألة الأولى بعد المائة: ليس للسارق إقامة الحد على نفسه، فإن فعل ذلك كان عاصيًا
.
• المراد بالمسألة: لو سرق شخص ما يوجب الحد، وأراد أن يقيم الحد
(1) المستدرك (4/ 422)، سنن الدارقطني (3/ 202)، قال الحاكم:"حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، وسكت عنه الذهبي، وأعله جماعة بالإرسال، كما قال الدارقطني في كتابه "العلل" (10/ 64):"يرويه يزيد بن خصيفة عن ابن ثوبان عن أبي هريرة. واختلف عن الدراوردي، فرواه عبد اللَّه بن عبد الوهاب الحجبي ويعقوب الدورقي عن الدراوردي متصلًا. وخالفهما سريج بن يونس وسعيد بن منصور، فروياه عن الدراوردي مرسلًا، لم يذكرا فيه أبا هريرة. وكذلك رواه ابن عيينة والثوري وابن جريج وإسماعيل بن جعفر عن يزيد بن خصيفة مرسلًا".
ولذا اختار الألباني الإرسال، فقال في الإرواء (8/ 84) بعد نقله لكلام الدارقطني:"فهذا يؤكد أن المرسل هو الصواب، وأن وصله وهم من الدراوردي، فإنه وإن كان ثقة في نفسه، ففي حفظه شيء، قال الحافظ: صدوق، كان يحدث من كتب غيره فيخطيء، قال النسائي: حديثه عن عبيد اللَّه العمري منكر، وقال الذهبي في "الميزان": صدوق، غيره أقوى منه، قال أحمد: إذا حدث من حفظه يهم، ليس هو بشيء، وإذا حدث من كتابه فنعم، وإذا حدث جاء ببواطيل، وأما ابن المديني فقال: ثقة ثبت، وقال أبو حاتم: لا يحتج به".
(2)
انظر: تبيين الحقائق (3/ 224 - 225).
على نفسه دون الذهاب إلى الحاكم ليقيم عليه الحد، فإن فعله ذلك خطأ، وهو عاص بذلك.
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم (456 هـ): "أما إقامته الحد على نفسه فحرام عليه ذلك بإجماع الأمة كلها، وأنه لا خلاف في أنه ليس لسارق أن يقطع يد نفسه، بل إن فعل ذلك كان عند الأمة كلها عاصيًا للَّه تعالى"(1).
ويمكن أن يضاف إليه ما ذكره أبو بكر الجصاص حيث قال: "ثبت باتفاق الجميع أن المأمورين بإقامة هذه الحدود على الأحرار هم الأئمة"(2).
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب من الأثر:
1 -
ما أخرجه ابن أبي شيبة عن ابن محيريز (3) قال: "الجمعة والحدود والزكاة والفيء إلى السلطان"(4).
وأخرج ابن حزم نحوه عن مسلم بن يسار (5) عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (6).
(1) المحلى (12/ 27).
(2)
أحكام القرآن (3/ 416).
(3)
هو أبو محيريز، عبد اللَّه بن محيريز بن جنادة بن وهب القرشي، الجمحي، المكي، تابعي مشهور، سكن بيت المقدس، وحدث عن جملة من الصحابة، قال فيه رجاء بن حيوة:"إن يفخر عينا أهل المدينة بعابدهم ابن عمر فإنا نفخر عليهم بعابدنا ابن محيريز، واللَّه إن كنت أعد بقاءه أمانا لأهل الأرض"، توفى سنة (99) هـ تقريبًا. انظر: تهذيب الكمال 16/ 355، تذكرة الحفاظ 1/ 63، سير أعلام النبلاء 4/ 495.
(4)
مصنف ابن أبي شيبة (6/ 508).
(5)
هو مسلم بن يسار المكي، ثم البصري، كان من عباد البصرة وفقهائها، قال ابنُ عَون:"كان لا يفضل عليه أحد في ذلك الزمان"، وقال محمد بن سعد:"كان ثقةً، فاضلًا، عابدًا، وَرِعًا"، توفي سنة (100 هـ). انظر: الكاشف 2/ 261، تهذيب التهذيب 10/ 140، الجرح والتعديل 8/ 868.
(6)
المحلى (12/ 76)، وذكر بعض فقهاء الحنفية كما في العناية شرح الهداية (5/ 235)، فتح القدير (5/ 235) في هذا حديثًا عن ابن مسعود وابن عباس والزبير مرفوعًا بلفظ:"أربع إلى الولاة الحدود والصدقات والجمعات والفيء"، لكن لم أجد له تخريجًا في شيء من كتب السنة، فاللَّه أعلم.
• وجه الدلالة: في الأثر أن الحدود إلى السلطان، فمن أقامها دون إذن الإمام، فهو مخالف لما ورَد.
2 -
من النظر: أن السارق قد لا يكون عالمًا بشروط القطع، فقد تكون سرقته مما لا توجب الحد إما لشبهة فيها، أو لكونها من غير حرز أو لغير ذلك، فيوجب على نفسه حدًّا لم يشرعه اللَّه تعالى.
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة؛ لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.