الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[46/ 1] المسألة السادسة والأربعون: يشترط للحد ألا يكون للسارق في المال المسروق شبهة ملك
.
• المراد بالمسألة: إذا ثبتت السرقة على شخص بما يوجب القطع، ولم يكن للسارق شبهة ملك بالمال المسروق فإنه لا يقطع، ومن صور شبهة الملك سرقة الأب من ابنه، وهي محل اتفاق بين الأئمة الأربعة، ومنها سرقة الزوج من زوجته، أو العبد من سيده، أو السرقة من بيت المال، أو سرقة الشريك من مال شريكه في المال المشترك بينهما وما أشبه ذلك، وإن كانت هذه الصور محل خلاف بين أئمة المذاهب الفقهية الأربعة.
• من نقل الإجماع: هذه المسألة تندرج قحت قاعدة كلية مشهورة عند أهل الفقه، يعبر عنها بمسألة "درأ الحدود بالشبهات"، ومعلوم أن هذه القاعدة متفق عليها عند أئمة المذاهب الأربعة على اختلاف بينهم في الصور المندرجة تحتها، بل نقل ابن المنذر فيها الإجماع، فقال:"وأجمعوا على أن درء الحد بالشبهات"(1).
وأما نص المسألة: قال ابن رشد الحفيد (595 هـ): "اتفقوا على أن من شرط المسروق الذي يجب فيه القطع أن لا يكون للسارق فيه شبهة ملك"(2). وقال المطيعي (1404 هـ): "اتفقوا على أن من شرط المسروق الذي يجب فيه القطع أن لا يكون للسارق فيه شبهة ملك"(3).
• مستند الإجماع: جاء في نصوص الشرع أدلة كثيرة تقرر درأ الحدود بالشبهات فمنها:
1 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (ادرءوا الحدود عن
(1) الإجماع (113).
(2)
بداية المجتهد ونهاية المقتصد (2/ 450).
(3)
المجموع (20/ 101).
المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة) (1).
2 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (ادفعوا الحدود ما وجدتم له مدفعًا)(2)(3).
(1) أخرجه الترمذي (رقم: 1424)، قال ابن حجر في "تلخيص الحبير":"في إسناده يزيد بن زياد الدمشقي، وهو ضعيف، قال فيه البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك. . . وأصح ما فيه حديث سفيان الثوري، عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه بن مسعود قال: "ادرءوا الحدود بالشبهات، ادفعوا القتل عن المسلمين ما استطعتم". وروي عن عقبة بن عامر ومعاذ أيضا موقوفا، وروي منقطعا وموقوفا على عمر.
قلت: ورواه أبو محمد بن حزم في كتاب الإيصال من حديث عمر موقوفا عليه بإسناد صحيح". وقد روي الحديث موقوفًا على عائشة، وقرر الترمذي أن الموقوف أصح كما في سننه (4/ 33) حيث قال: "حديث عائشة لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث محمد بن ربيعة عن يزيد بن زياد الدمشقي عن الزهري عن عروة عن عائشة عن صلى الله عليه وسلم ورواه وكيع عن يزيد بن زياد نحوه ولم يرفعه ورواية وكيع أصح"، وكذا قال البيهقي في السنن الكبرى (8/ 238): "رواية وكيع أقرب إلى الصواب".
لكن الألباني ضعف الحديث مرفوعًا وموقوفًا كما في "إرواء الغليل"(8/ 25) حيث قال: "هو ضعيف مرفوعًا وموقوفًا، فإن مداره على يزيد بن زياد الدمشقي وهو متروك كما في "التقريب"، ولذلك لما قال الحاكم عقبه: "صحيح الإسناد" رده الذهبي بقوله: قلت: قال النسائي: يزيد بن زياد شامي متروك".
(2)
ابن ماجه (رقم: 2545)، وضعفه ابن حجر في "بلوغ المرام"(370)، والألباني في "الإرواء"(8/ 26)؛ لأن في سنده إبراهيم بن الفضل المخزومي، ضعفه أحمد وابن معين وأبو زرعة، وأبو حاتم، والبخاري، والترمذي والنسائي. انظر: تهذيب التهذيب (1/ 131)، الكاشف (1/ 220)، الكامل في ضعفاء الرجال (1/ 375).
(3)
وثمة أحاديث أخرى في هذا الباب ذكرها البيهقي في سننه الكبرى (8/ 238 - 239)، بعضها مرفوع، والأخرى موقوف، وجميع الأحاديث المذكورة في هذا الباب، لا تخلو من مقال، حيث قد أشار إلى ضعفها البيهقي في سننه الكبرى (8/ 238 - 239) وابن حزم في المحلى (12/ 58).