الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الردة، حيث إن هذا هو الأصل، ولا دليل على التفريق، ولذا يقولون: المرتدة تقتل كالمرتد (1).
وإذا تقرر هذا فإن الجمهور يخالفون في مسألة الباب، ويرون أن المرتدة يزول تصرفها عن ملكها بردتها، ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة، وإنما العلة هي الردة، فمتى وجدت وُجد الحكم (2).
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل خلاف بين أهل العلم؛ لثبوت الخلاف فيه عن المالكية، والشافعية، والحنابلة.
ولعل مراد الكاساني نقل الإجماع في مذهبه، فإن القول بعدم قتل المرتدة لا خلاف فيه بين الحنفية كما صرح به الكاساني فقال:"المرتدة لا تُقتل، بلا خلاف بين أصحابنا"(3).
[22/ 4] المسألة الثانية والعشرون: عصمة دم المرتد وماله بإسلامه بدون حكم حاكم
.
• المراد بالمسألة: لو ارتد شخص عن الإسلام، ثم تاب من ردته، فإنه بتوبته يكون معصوم الدم والمال، ولا يحتاج لثبوت التوبة أن يحكم الحاكم بها وبما يترتب عليها من عصمة الدم والمال.
• من نقل الإجماع: قال شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ): "الأئمة متفقون على أن المرتد إذا أسلم عصم بإسلامه دمه وماله، وإن لم يحكم بذلك
(1) انظر: المسألة السابعة والثلاثون تحت عنوان: "لا فرق في وجوب القتل بالردة بين الرجل والمرأة".
(2)
يظهر مما سبق أن المسألة مبنية على القول بعدم قتل المرتدة، وقد أُفرد لقتل المرتدة مسألة مستقلة تحت عنوان:"لا فرق في وجوب القتل بالردة بين الرجل والمرأة"، لذا رأيت إفراد مستند الإجماع هناك لمناسبته له، واكتفيت هنا بالإشارة إلى أن المسألة مبنية على مسألة حكم قتل المرتدة.
(3)
بدائع الصنائع (7/ 135).
حاكم" (1)، ونقله عنه ابن مفلح (2)، وابن مفلح المقدسي (3)، وابن قاسم (4).
• مستند الإجماع: يستدل لهذه المسألة بأدلة منها:
1 -
ما أخرجه الشيخان عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: "بعثنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى الحُرَقَة (5)، فصبحنا القوم فهزمناهم، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلًا منهم، فلما غشيناه قال: لا إله إلا اللَّه، فكف الأنصاري، فطعنته برمحي حتى قتلته، فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا اللَّه) قلت: كان متعوذًا، فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم"(6).
وفي لفظ لمسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأسامة: (أقتلته)؟ قال: نعم، قال:(فكيف تصنع بلا إله إلا اللَّه إذا جاءت يوم القيامة) قال: يا رسول اللَّه استغفر لي، قال:(وكيف تصنع بلا إله إلا اللَّه إذا جاءت يوم القيامة (قال: فجعل لا يزيده على أن يقول: كيف تصنع بلا إله إلا اللَّه إذا جاءت يوم القيامة)(7).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بإسلام الرجل وعصمته، بمجرد تلفظه بالشهادة، دون الرجوع للنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.
2 -
عموم الأحاديث الدالة على عصمة دم من أسلم، منها:
(1) الفتاوى الكبرى (3/ 518)، وانظر:(5/ 535).
(2)
انظر: الفروع (6/ 172).
(3)
انظر: المبدع في شرح المقنع (9/ 161).
(4)
انظر: حاشية الروض المربع (7/ 406).
(5)
بضم المهملة، وبالراء، ثم قاف، قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (6/ 186):"الحرقة بطن من جهينة"، واسمه جهيش بن عامر بن ثعلبة بن مودعة بن جهينة، وسمي الحرقة؛ لأنه حرق قومًا بالقتل فبالغ في ذلك، قال ابن الكلبي:"سموا بذلك لوقعة كانت ينهم وبين بني مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان فأحرقوهم بالسهام لكثرة من قتلوا منهم".
(6)
صحيح البخاري (رقم: 4021)، ومسلم (رقم: 96).
(7)
صحيح مسلم (رقم: 96).