الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
من النظر: أن العبد غير الآبق كما أنه لا يقطع بموجب ما سرقه من مال سيده، فكذا العبد السابق (1).
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة كانت محل خلاف بين أهل العلم، ثم بعد ذلك انعقد الإجماع (2).
[10/ 1] المسألة العاشرة: السارق إذا مات مِنْ قَطْع يدِهِ فلا شيء على الذي قطعها
.
• المراد بالمسألة: لو ثبتت السرقة على شخص بما يوجب القطع بإقرار أو بينة، وأمر الحاكمُ بقطع يد السارق، فقطع المأمور يد السارق كما أمره الشرع بلا زيادة، ولا نقص، ولا تفريط، ومات السارق بسبب القطع، فإنه لا ضمان على القاطع ولا على الحاكم الذي أمر بالقطع.
ويتبين مما سبق أنه لو قطعت يد السارق، على غير أمر الشارع، كأن بدأ بيده اليسرى، أو كان على أمر الشارع لكنه زاد في الحد، فكل هذا ليس من مسألة الباب.
= وقال جماعة من المحققين بوقف الحديث على ابن عباس، منهم الدارقطني حيث قال في سنه (3/ 76):"لم يرفعه غير فهد، والصواب موقوف". وقال البيهقي في سننه الكبرى (8/ 268): "رفعه بعض الضعفاء عن ابن عباس وليس بشيء".
وكذا صوب ابن القطان الوقف في كتابه "بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام"(3/ 571)، حيث نقل كلام الدارقطني ثم قال:"هذا الذي ذكر -أي الدارقطني- صواب، غير أنه مجمل، وتفسيره: أن أَبَا مُحَمَّد فَهد ابْن سُلَيْمَان النخاس في الرقيق، مصري، لم تثبت عَدَالَته حَتَّى يحْتَمل لَهُ ينفرد به، وإن كان مشهورًا، وهو مولى لقريش. . . وهو يرويه عن موسى بن داود، عن الثوري، عن عمرو بن دينار، عن مجاهد، عن ابن عباس. والناس رووه عن الثوري بهذا الإسناد فوقفوه، منهم عبد الرزاق، وكذلك ابن جريج أيضًا، رواه عن عمرو بن دينار فوقفه، ولم يتجاوز ابن عباس".
(1)
انظر: الاستذكار (7/ 538 - 539)، المغني (9/ 116).
(2)
انظر: الاستذكار (7/ 538).
• من نقل الإجماع: قال ابن عبد البر (463 هـ): "أجمعوا على أن السارق لو مات من قطع يده أنه لا شيء فيه"(1). وقال الطحاوي (321 هـ): "اتفاقهم في المقطوع في السرقة مات أنه لا شيء فيه؛ لأنه قطع بحق"(2).
وقال ابن هبيرة (560 هـ): "اتفقوا على أن الإمام إذا قطع السارق فسرى ذلك إلى نفسه أنه لا ضمان عليه"(3). وقال الكاساني (587 هـ): "لو قطع الإمام يد السارق فمات منه لا ضمان على الإمام ولا على بيت المال، وكذلك الفصَّاد، والبزَّاغ (4)، والحجَّام، إذا سرت جراحاتهم لا ضمان عليهم بالإجماع"(5).
وقال ابن رشد الحفيد (595 هـ): "إجماعهم على أن السارق إذا مات من قطع يده أنه لا شيء على الذي قطع يده"(6). وقال ابن قدامة (620 هـ): "لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في سائر الحدود، أنه إذا أتي بها على الوجه المشروع، من غير زيادة، أنه لا يضمن مَن تَلِف بها"(7) ونقله عنه ابن قاسم (8). وقال ابن القطان (628 هـ): "أجمعوا أن السارق لو مات من قطع يده أنه لا شيء فيه"(9).
وقال النووي (676 هـ): "أجمع العلماء على أن من وجب عليه الحد فجلده الإمام أو جلاده الحد الشرعي فمات فلا دية فيه ولا كفارة لا على الإمام ولا على جلاده ولا في بيت المال"(10) ونقله عنه الصنعاني (11). وقال شمس
(1) الاستذكار (8/ 187).
(2)
مختصر اختلاف العلماء للطحاوي (4/ 87).
(3)
الإفصاح (2/ 163).
(4)
البزغ والتبزيغ: هو الشرط بالمبزغ وهو المشرط.
والبزاغ هو الذي يشرط الجلد لإسالة الدم الفاسد منه. انظر: الصحاح (5/ 1)، لسان العرب، مادة:(بزغ)، (8/ 418).
(5)
بدائع الصنائع (7/ 205).
(6)
بداية المجتهد ونهاية المقتصد (2/ 408).
(7)
المغني (9/ 140).
(8)
انظر: حاشية الروض المربع (7/ 309).
(9)
الإقناع في مسائل الإجماع (2/ 259).
(10)
شرح النووي (11/ 221).
(11)
انظر: سبل السلام (2/ 456).
الدين ابن قدامة (682 هـ): "لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في سائر الحدود أنه إذا أتي بها على الوجه المشروع من غير زيادة أنه لا يضمن من تلف بها"(1).
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب:
1 -
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "ما كنت لأقيم حدًا على أحد فيموت فأجد في نفسي إلا صاحب الخمر؛ فإنه لو مات وديته؛ وذلك أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يسنَّه"(2).
وفي رواية للبيهقي (3) بلفظ: "ما أحد يموت في حد فأجد في نفسي منه شيئًا؛ الحق قتله"(4).
2 -
من النظر: أن قطع يد السارق مأمور به شرعًا، والحاكم فعل ما أذن له الشرع، وقد تقرر عند الفقهاء قاعدة أن ما ترتب على المأذون فليس بمضمون (5).
• المخالفون للإجماع: ثمة رواية عن أبي حنيفة حاصلها وجوب الضمان
(1) الشرح الكبير (10/ 135).
(2)
صحيح البخاري (رقم: 6396)، صحيح مسلم (رقم: 1707).
(3)
هو أبو بكر، أحمد بن الحسين بن علي بن موسى، الخسروجردي، البيهقي، الشافعي، العالم، الحافظ، المحدث، الفقيه، يقال: بأنه أول من جمع نصوص الشافعي واحتج لها بالكتاب والسنة، قال الجويني:"ما من شافعي المذهب إلى وللشافعي عليه منة، خلا أحمد البيهقي فإنه له على الشافعي منة"، من مصنفاته:"مناقب الشافعي"، و"المدخل إلى السنن الكبير"، و"السنن الصغير"، و"دلائل النبوة"، و"شعب الإيمان"، وغيرها، مات بنيسابور ثم نُقل إلى بيهق، وذلك سنة (460 هـ). انظر: تذكرة الحفاظ 3/ 1132، طبقات الحفاظ 1/ 189، طبقات الشافعية 4/ 8.
(4)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (6/ 123)، وروي مثله عن عمر رضي الله عنه حكاه ابن قدامة، وذكر أنه في مسند سعيد بن منصور، ولم أجده.
(5)
انظر: الاستذكار (8/ 187).