الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• المخالفون للإجماع: ذهب أبو يوسف من الحنفية (1)، وهو مذهب المالكية (2)، والشافعية (3)، والحنابلة (4) إلى وجوب قطع من أدخل يده إلى الدار وأخذ المتاع، سواء دخل الدار أو لم يدخل.
• دليل المخالف: يدل على مسألة الباب أن هتك الحرز يحصل بنقبه وأخذ المال، أما الدخول فغير معتبر في القطع (5).
ولم أجد كلامًا لابن حزم في المسألة، إلا أنه على قياس مذهب الظاهرية فإنهم يرون وجوب القطع في مسألة الباب؛ وذلك أن المسألة مبينة على المعتبر في هتك الحرز، فالحنفية يرون من شرط هتك الحرز دخول ما يمكن دخوله، والجمهور مع أبي يوسف يرون المعتبر نقبه وأخذ المتاع، والظاهرية -كما سبق- لا يرون اشتراط الحرز أصلًا، فكان قياس مذهبهم هو مذهب الجمهور في هذه المسألة.
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة ليست محل إجماع بين أهل العلم، وما نقله الكاساني يحتاج إلى تحرير من جهة صحة النقل عن علي رضي الله عنه، ومن جهة أخرى النظر في تحقق الإجماع السكوتي في المسألة، واللَّه تعالى أعلم.
[89/ 1] المسألة التاسعة والثمانون: إذا أقر بالسرقة، ثم رجع فقال: لم أسرق بل هي ملكي، فإنه لا يُقطع
.
• المراد بالمسألة: لو ثبتت السرقة على شخص بما يوجب الحد، وكان ثبوت السرقة بالإقرار، فادعى السارق أن المسروق ملكه، فإنه لا حد عليه، ولو لم تكن له بينة على دعوى ملكية المال المسروق.
(1) انظر: المبسوط (9/ 148)، بدائع الصنائع (7/ 66).
(2)
انظر: التاج والإكليل لمختصر خليل (8/ 425).
(3)
انظر: أسنى المطالب (4/ 147)، الغرر البهية (5/ 95).
(4)
انظر: المغني (9/ 103)، الفروع (6/ 129).
(5)
انظر: بدائع الصنائع (7/ 66)، نصب الراية (4/ 202).
يتبين مما سبق أن الحد لو ثبت ببينة، أو كان للسارق بينة على دعواه ملْك المال المسروق فكل ذلك ليس مرادا في مسألة الباب.
• من نقل الإجماع: قال ابن الهمام (861 هـ): "إذا أقر بالسرقة ثم رجع فقال لم أسرق بل هو ملكي فإنه لا يقطع بالإجماع ولكن يلزمه المال"(1)، ونقله عنه الزيلعي (2).
• مستند الإجماع: علل الفقهاء لمسألة الباب أن ادعاء السارق للملك شبهة يدرأ به الحد، والحدود تدرأ بالشبهات.
• المخالفون للإجماع: ذهب جماعة من الفقهاء إلى عدم سقوط الحد في مسألة الباب، وهو قول للمالكية (3)، وقول للشافعي (4)، ورواية عن الإمام أحمد (5).
وفي رواية ثالثة عن أحمد أيضًا: أنه لا يقطع إلا إن كان السارق معروفًا بالسرقة (6).
وقياس مذهب ابن حزم أيضًا هو القول بعدم سقوط الحد، لأنه لا يرى قاعدة درأ الحدود بالشبهات كما سبق بيانه.
• دليل المخالف: علل القائلون بالقطع في مسألة الباب أن ادعاء السارق ملك ما سرقة لا يعتر شبهة دارئة للحد.
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة ليست محل إجماع بين أهل العلم، بل ليست محل اتفاق بين أئمة المذاهب الأربعة؛ لوجود الخلاف عن بعض المالكية، وبعض الشافعية، والحنابلة في رواية، ولذا ساق ابن هبيرة "في الإفصاح" المسألة على أنها خلافية (7)، وهو الصواب، واللَّه تعالى أعلم.
(1) فتح القدير (5/ 408).
(2)
تبيين الحقائق (3/ 230).
(3)
انظر: البيان والتحصيل (16/ 220).
(4)
انظر: تحفة المحتاج (5/ 470).
(5)
انظر: الإنصاف (10/ 281).
(6)
انظر: الإنصاف (10/ 281).
(7)
الإفصاح (2/ 211).