الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
من النظر:
أ - أن اليد اليسرى أباح الشرع قتلها قودًا، فكذا لا مانع من إباحة قطعها من باب الحد (1).
ب - أن عقوبة الحد تتكرر بتكرر وقوعه متى ما كان الموضع قائمًا، كما في الزنا والقصاص، فإذا تكررت السرقة والعضو باق فإنه يقطع (2).
ج - أن حد السرقة شُرع للزجر، والسرقة تتأتى باليد اليسرى، وفي قطعها زجر لمن أراد فعل ذلك.
د - أن السرقة الثالثة أولى بالحد من السرقة الأولى، لتقدم الزاجر فيها، فتكون أولى بشرع الحد فيها (3).
وأما القائلون بعدم قطع الرجل أصلًا فاستدلوا: بعموم قول اللَّه تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً} (4) وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى لم يذكر قطع الرجل.
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل خلاف مشهور بين أهل العلم، لثبوت الخلاف عن المالكية، والشافعية، والحنابلة في رواية، وقتادة، وأبي ثور، وابن المنذر، وربيعة وابن حزم وبعض أصحاب داود.
[99/ 1] المسألة التاسعة والتسعون: لو أخرج السارق يساره، وقال: هذه يميني، فقطع يساره، فلا ضمان على القاطع
.
• المراد بالمسألة: لو ثبتت السرقة على شخص بما يوجب القطع، وأمر الحاكم بقطع يده اليمنى، فأخرج السارق يساره وقال هذه يميني، فقطعها
(1) انظر: الحاوي الكبير (13/ 323)، المغني (9/ 109)، العدة شرح العمدة (552).
(2)
انظر: الأم (6/ 142).
(3)
انظر: تبيين الحقائق (3/ 219)، فتح القدير (5/ 378)، العناية شرح الهداية (5/ 378).
(4)
سورة المائدة، آية (38).
القاطع، ظنًا منه أنها اليمنى، فإن القاطع لا يضمن يد السارق التي قطعت.
ويتحصل مما سبق أن القاطع إن قطع اليسرى قبل أمر الحاكم بالقطع، فذلك غير مراد في المسألة، وكذا إن كان يعلم بأنها اليسار، فغير مراد.
• من نقل الإجماع: قال المرغيناني (593 هـ): "لو أخرج السارق يساره وقال: هذه يميني، لا يضمن -أي القاطع- بالاتفاق؛ لأنه قطعه بأمره"(1)، وأقره عليها جماعة من شراح هذا المتن من الحنفية، كابن الهمام (2)، والزيلعي (3). وقال دامان (1078 هـ):"إذا قال أخرج يمينك فأخرج يساره، وقال: هذه يميني، فقطع، لا يضمن إجماعًا، وإن كان عالمًا بأنها يساره"(4).
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب ما يلي:
1 -
من الأثر: أنه مروى عن علي رضي الله عنه (5).
2 -
من النظر: أن القاطع قطع اليد بأمر من السارق وإذنه، فلم يكن عليه في ذلك ضمان (6).
• المخالفون للإجماع: ذهب الحنابلة إلى أن من قطع يد السارق اليسرى خطأً فعليه ديتها (7)، ونقل ابن حزم هذا القول عن بعض أصحابه (8).
وذكر ابن حزم قولًا آخر هو أن على السارق أن تقطع يده اليمنى بعد قطع اليسرى بالخطأ (9).
• دليل المخالف: علل القائلين بقطع اليمنى بعد قطع اليسرى خطأً بأن الواجب هم قطع اليد اليمنى، فإذا قُطعت اليسرى لم يتحقق الأمر كما أمر
(1) العناية شرح الهداية (5/ 400).
(2)
انظر: فتح القدير (5/ 400).
(3)
انظر: نصب الراية (4/ 210).
(4)
مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (1/ 626).
(5)
انظر: مصنف ابن أبي شيبة (6/ 145).
(6)
مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (1/ 626).
(7)
الإنصاف (10/ 288).
(8)
انظر: المحلى (12/ 355 - 356).
(9)
انظر: المحلى (12/ 355 - 356).