الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
ويمكن أن يقال أيضًا: بأن توحيد الصف الداخلي من توحيد الأمة على إمام واحد، ودحر المتمردين الخارجين عن طاعة ولي الأمر المتربصين به الدوائر المنشقين عن الجماعة أولى من فتح جبهة خارجية بها عدو خارجي.
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[42/ 4] المسألة الثانية والأربعون: المرتد لا يُسبَى
.
• المراد بالمسألة: لو ارتد شخص أو جماعة عن الإسلام، فقاتلهم الإمام، حتى تمكن منهم فإن الواجب عليه حينئذ استتابتهم، ومن أبى الإسلام فإنه يقتل عند الجمهور، أو يحبس عند بعض أهل العلم، بينما لا يجوز للإمام أن يجعل أحدا منهم سبيا، فيسترقه عبدا عند أحد.
وينبه إلى أن هذا ما لم يلحق المرتد بدار الحرب، وكذا سبي ذرية المرتد، فكل ذلك غير مراد في مسألة الباب.
• من نقل الإجماع: قال الخطابي (388 هـ): "أهل الردة كانوا أصنافًا: منهم من ارتد عن الملة ودعا إلى نبوة مسيلمة وغيره، ومنهم من ترك الصلاة والزكاة وأنكر الشرائع كلها، وهؤلاء هم الذين سماهم الصحابة كفارًا، ولذلك رأى أبو بكر رضي الله عنه سبي ذراريهم، وساعده على ذلك أكثر الصحابة، واستولد علي بن أبى طالب رضي الله عنه جارية من سبي بني حنيفة، فولدت له محمد الذي يدعى بن الحنفية (1)، ثم لم ينقض عصر الصحابة حتى أجمعوا على أن
(1) هو أبو القاسم، محمد -الأكبر- بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، وأمه الحنفية خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدول بن حنيفة بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، ويقال بل كانت أمه من صبي اليمامة فصارت إلى علي بن أبي طالب، كان كثير العلم، ورعًا. انظر: تهذيب الكمال 26/ 147، سير أعلام النبلاء 4/ 110، طبقات الفقهاء 1/ 62.
المرتد لا يسبى" (1)، نقله عنه القاضي عياض (2)، والنووي (3)، والشوكاني (4).
ونقل ابن حزم (456 هـ) عن بعض أهل العلم الإجماع على أنه لا يسترق المرتد إن سبي، حيث قال:"وبرهان ذلك: إجماعكم معنا على أن المرتد لا يقر على ردته. . . ولا يسترق المرتد إن سبى كما يسترق المشرك إن سبي"(5).
وقال ابن فراموز (885 هـ): "لا يسترق، صمان لحق بدار الحرب؛ إذ لم يشرع فيه إلا الإسلام أو السيف. . . وكذا الصحابة رضوان اللَّه عليهم أجمعوا عليه في زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه"(6).
• المخالفون للإجماع: خالف طائفة من أهل العلم في سبي المرأة المرتدة حيث روي عن علي بن أبي طالب، والحسن البصري، وقتادة، وأبي حنيفة القول بأن المرأة المرتدة تسترق (7). أما سبي المرتد فخالف فيه أصبغ بن الفرج المالكي (8)(9).
(1) معالم السنن (2/ 6).
(2)
إكمال المعلم (1/ 181).
(3)
شرح النووي (1/ 204).
(4)
انظر: نيل الأوطار (4/ 144).
(5)
المحلى (33/ 12)، ثم عقب على ذلك بنقض الإجماع فقال:"فإن ادعوا: أن المرتد لا تقبل منه جزية، ولا تؤكل ذبيحته، ولا يسترق إجماعا: دل ذلك على جهل من ادعى ذلك أو كذبه، فقد صح عن بعض السلف: أخذ الجزية منهم، وعن بعض الفقهاء: أكل ذبيحته إن ارتد إلى دين صابئ وأبو حنيفة وأصحابه يقولون: إن المرتدة إذا لحقت بأرض الحرب سبيت واسترقت ولم تقتل، ولو أنها هاشمية أو عبشمية"
(6)
درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/ 301)، وما نقله هو في المرتد، أما المرتدة فإنه غير مراد في كلامه، لأنه ساق الخلاف في استرقاقها، بعد نقله للإجماع.
(7)
انظر: المحلى (33/ 12)، المغني (9/ 16).
(8)
هو أبو عبد اللَّه، أصبغ بن الفرج بن سعيد بن نافع الأموي، مولاهم، الفقيه، المصري، المالكي، مات سنة (225 هـ). انظر: الثقات لابن حبان 8/ 133، وفيات الأعيان 1/ 240، تهذيب التهذيب 1/ 315.
(9)
انظر؛ المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (1/ 186).