الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الخوارج، القائلين بكفر مرتكب الكبيرة، والمعتزلة، القائلين بأنه منزلة بين المنزلتين، وفي الآخرة هو في النار، وحقيقة هذا القول يؤول إلى قول الخوارج، واللَّه تعالى أعلم.
[125/ 4] المسألة الخامسة والعشرون بعد المائة: لا يكفر من أثبت البسملة في أوائل السور غير سورة براءة، ولا من نفاها
.
• المراد بالمسألة: البسملة الموجودة في أوائل سور القرآن اختلف أهل العلم هل هي آية مستقلة تأتي للفصل بين كل سورتين كما هو مذهب الحنفية والحنابلة، أو هي آية من سورة الفاتحة فقط، ثم هي آية مستقلة في باقي السور كما هو مذهب الشافعية، أو ليست بآية في الفاتحة ولا في غيرها من السور كما هو مذهب المالكية (1).
وبناء على هذا الخلاف المشهور بين السلف من الصحابة، والتابعين، وأئمة المذاهب الأربعة فإن من قال بأحد هذه الأقوال فأثبت أن البسملة آية من كل سورة، أو قال بأنها ليست آية مطلقًا فكل ذلك من مسائل الاجتهاد في فروع الفقه التي لا يفسق فيها المخالف فضلًا عن أن يكفر.
ويتحصل مما سبق أمران:
الأول: أن البسملة المرادة في الباب هي المذكورة في أوائل السور، أما البسملة التي في سورة النمل في قوله تعالى:{إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30)} (2)، فإنها غير داخلة في مسألة الباب؛ إذ لا خلاف بين أهل العلم أنها آية من سورة النمل، وعلى ذلك أجمع أهل العلم كما حكاه ابن
(1) انظر: بدائع الصنائع (1/ 203)، مواهب الجليل (1/ 544)، المجموع (3/ 289)، مطالب أولي النهى (1/ 428).
(2)
سورة النمل، آية (30).
العربي (1)، والقرطبي (2)، والنووي (3)، وغيرهم (4).
بل قرر النووي أن جحْدها أو نفيها أو جحْد بعضها يدخل ضمن من جحد شيئًا من القرآن (5).
الثاني: أن سورة براءة ليست داخلة في مسألة الباب، فإن انتفاء البسملة منها محل إجماع بين أهل العلم كما حكاه النووي (6).
• من نقل الإجماع: قال النووي (676 هـ): "أجمعت الأمة على أنه لا يكفر من أثبتها ولا من نفاها"(7). وقال الشوكاني (1250 هـ): "الأمة أجمعت أنه لا يكفر من أثبتها ولا من نفاها؛ لاختلاف العلماء فيها"(8).
• مستند الإجماع: علة عدم التكفير في مسألة الباب أنها من مسائل فروع الفقه التي يسوغ فيها الاجتهاد، والأدلة فيها محتلمة، وأشار إلى كونها محل اجتهاد جماعة من أهل العلم، منهم القرطبي حيث قال فيها:"المسألة مسألة اجتهادية لا قطعية، كما ظنه بعض الجهال من المتفقهة الذي يلزم على قوله تكفير المسلمين، وليس كما ظن لوجود الاختلاف"(9).
وقال ابن تيمية: "سواء قيل بالقطع في النفي أو الإثبات، فذلك لا يمنع كونها من موارد الاجتهاد التي لا تكفير ولا تفسيق فيها للنافي ولا للمثبت"(10).
(1) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (1/ 5).
(2)
انظر: تفسير القرطبي (1/ 93).
(3)
انظر: المجموع (3/ 290).
(4)
انظر: أحكام القرآن للجصاص (1/ 11)، نيل الأوطار (2/ 233).
(5)
قال النووي في "المجموع": (3/ 290)، حيث قال النووي:"أما البسملة في أثناء سورة النمل: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30)} [النمل: 30] فقرآن بالإجماع، فمن جحد منها حرفً كفر بالإجماع".
(6)
انظر: المجموع (3/ 289).
(7)
المجموع (3/ 290).
(8)
نيل الأوطار (2/ 233).
(9)
تفسير القرطبي (1/ 96).
(10)
مجموع الفتاوى (4/ 421).