الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 -
عن بلال بن سعد (1): "أن رجلًا سرق برنسًا (2) من الحمام فرفع إلى أبي الدرداء؟ فلم ير عليه قطع"(3).
2 -
لأن الحمام عرضة للخطأ بأن يأخذ الإنسان ثوبًا يظنه ثوبه، أو نحو ذلك.
• المخالفون للإجماع: خالف الظاهرية في مسألة الباب وذهبوا إلى وجوب القطع (4).
• دليل المخالف: تعليل الظاهرية للقطع بأن الحرز غير معتبر في القطع (5).
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة ليست محل إجماع، لثبوت الخلاف مع الظاهرية.
[72/ 1] المسألة الثانية والسبعون: لا يقطع في سرقة محرم، وآلة لهو
.
• المراد بالمسألة: تعريف آلة اللهو: الآلة: قال الجرجاني: "الآلة: اسم الآلة هو ما يعالج به الفاعل المفعول بوصول الأثر إليه"(6).
ويختلف المعنى المراد بالآلة باختلاف استخدامها، فيقال: آلة التصوير، وآلة الخياطة، وآلة القتال، وآلة الطَّرَب. . . إلخ (7).
(1) هو أبو عمرو وقيل: أبو زرعة، بلال بن سعد بن تميم الأشعري، واعظ الشام وعالمها، تابعي ثقة فاضل، كان قاصا حسن القصص، وكان بالشام كالحسن البصري بالعراق قال الأوزاعي:"كان بلال بن سعد من العبادة على شيء لم يسمع بأحد من الأمة قوي عليه"، حتى قيل بأنه يقوم الليل أجمع، روى عن جملة من الصحابة توفي في حدود العشرين والمائة. انظر: الجرح والتعديل 2/ 1560، سير أعلام النبلاء 5/ 91، تهذيب التهذيب 1/ 503.
(2)
البرنس: هو كل ثوب رأسه منه، ملتزق به، وأصله من البرس وهو القطن، والنون زائدة، وقيل: إنه غير عربي. وقيل: هي قلنسوة طويلة كان النساك يلبسونها في صدر الإسلام. انظر: الصحاح (4/ 64)، تاج العروس، مادة:(برنس)، (15/ 488)، تهذيب الأسماء واللغات (3/ 25).
(3)
المحلى (12/ 313).
(4)
انظر: المحلى (12/ 313).
(5)
انظر: المحلى (12/ 313).
(6)
التعريفات (40).
(7)
انظر: المعجم الوسيط (1/ 33).
المراد بالآلة هنا: أداة الطرب.
اللهو: قال ابن فارس: "اللام والهاء والحرف المعتلّ أصلانِ صحيحان: أحداهما يدلُّ على شُغْل عن شَيء بشيء، والآخر على نَبْذِ شيء من اليد، فالأوَّل اللَّهْو، وهو كلُّ شيءٍ شَغَلك عن شيء، فقد ألهاك"(1).
وقال الفيومي: "أصل اللَّهْوِ: الترويح عن النفس بما لا تقتضيه الحكمة"(2)، وقيل: اللهو: اللعب (3)، وقيل: هو ما يشغل عن الخير، من هوى، أو طراب، ونحوه (4).
والمراد به هنا هو الأداة التي تستخدم للهو المحرم شرعًا، كمزمار ونحوه.
• صورة المسألة: لو ثبتت السرقة على شخص بما يوجب الحد، وكان القياس محرمًا في شريعة المسروق منه، كخمر، أو خنزير، أو نحوه، أو كان من آلات اللهو المحرمة بإطلاق كمزماز ونحوه، ولم يتصل بها ما يبلغ قيمته نصابًا من حلية ذهبا أو غيره، ولم يبلغ قيمتها بعد كسرها نصابًا، فلا قطع في ذلك.
ويتبين كما سبق أن ثمة خمس مسائل غير مرادة في مسألة الباب، وهي:
• المسألة الأولى: لو كان المسروق محرمًا شرعًا، لكن المسروق منه يعتقد حله في شرعه، كمن سرق خمرًا أو صليبًا من ذمي.
• المسألة الثانية: إن كان في آلة اللهو المسروقة حلية من ذهب أو غيره تبلغ نصابًا، أو كان نفسه ذهبا أو فضة، كأن يكون الصليب أو الصنم من ذهب أو فضة تبلغ نصابًا، أو كان قيمة المسروق بعد زوال تأليفه يبلغ نصابًا، بأن يكون قيمة ما يبقى منها بعد إفساد صورتها وإذهاب المنفعة المقصودة بها يبلغ
(1) مقاييس اللغة (5/ 213).
(2)
المصباح المنير، مادة:(لهو)، (559).
(3)
انظر: النهاية في غريب الأثر، مادة:(لها)، (4/ 282).
(4)
انظر: المخصص (4/ 13)، تاج العروس، مادة:(لهو)، (39/ 467)، التعريفات (248)، الحدود الأنيقة والتعريفات الدقيقة لزكريا الأنصاري (75)، القاموس الفقهي (333).
النصاب، فكل ذلك غير مراد في مسألة الباب (1).
• المسألة الثالثة: لو كانت آلة اللهو غير محرمة شرعًا، فإن بعض ما ورد تسميته في الشرع مما يلتهى قد يحث عليه الشارع؛ لما فيه من المنافع، فمن ذلك السهام، حيث أخرج مسلم في صحيحه عن عقبة بن عامر (2) رضي الله عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: (ستفتح عليكم أرضون، ويكفيكم اللَّه، فلا يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه)(3)، أي في تعلم الرمي.
وجاءت النصوص في الحث على تعلم الرمي متوافرة مع أن النبي صلى الله عليه وسلم جعلها من اللهو، فمن ذلك في صحيح مسلم من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: ({وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} (4) ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي) (5).
ويلتحق ذلك كل ما كان من اللهو المباح كآلات الألعاب الرياضية وغيرها.
• المسألة الرابعة: ما لو كان التحريم غير مطلق، أو كان في تحريمه خلاف معتبر بين أهل العلم، كالدف مثلًا، أو الطبل حيث أباحه طائفة من أهل العلم للغزاة في المعارك (6)، فلو سرق شيئًا مما فيه خلاف معتبر، أو مما أباحه
(1) انظر: التاج والإكليل (8/ 417).
(2)
هو عقبة بن عامر بن عبس الجهني، اختلف في كنيته فقيل: أبو حماد، وقيل: أبو أسيد، وقيل أبو عمرو، وقيل غير ذلك، شهد الفتوح، وكان قارئا، عالما بالفرائض والفقه، فصيح اللسان، شاعرا، كاتبا، وهو أحد من جمع القرآن، سكن مصر وكان واليًا عليها وابنتى بها دارًا وتوفي في آخر خلافة معاوية رضي الله عنه. انظر: والاستيعاب 3/ 1073، التاريخ الكبير 6/ 430، تهذيب التهذيب 7/ 242.
(3)
صحيح مسلم، كتاب: الإمارة باب: باب فضل الرمي والحث عليه وذم من علمه ثم نسيه، (رقم: 1918).
(4)
سورة الأنفال، آية (60).
(5)
صحيح مسلم (رقم: 1917).
(6)
انظر: أحكام القرآن لابن العربي (3/ 526)، تبيين الحقائق (3/ 217)، الفروع (5/ 311).