الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وجه الدلالة: أن ما فعله صفوان من إهداء الرداء للسارق نوع من الصلح، لكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقبله، لكون الأمر بلغ إليه، والحدود إذا بلغت السلطان وجب إقامتها.
2 -
أن القطع في السرقة حد للَّه تعالى، والحدود إذا بلغت السلطان وجب إقامتها، كما سبق بيانه (1).
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[21/ 1] المسألة الحادية والعشرون: رد المسروق بعد رفعه للإمام لا يسقط الحد
.
• المراد بالمسألة: لو ثبتت السرقة على شخص بما يوجب الحد، ورفع الأمر للحاكم أو نائبه، ثم بعد ذلك رد السارق المسروق كاملًا إلى صاحبه، فلا يسقط عنه الحد بردِّ المسروق.
وبهذا يتبين أن السارق لو رد المسروق قبل الترافع للإمام، سواء رفع الأمر للإمام بعد رد المسروق أو لا، فكل ذلك غير مراد في مسألة الباب.
• من نقل الإجماع: قال الكاساني (587 هـ): "لا خلاف في أن الرد بعد المرافعة لا يسقط الحد"(2).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ): "اتفق العلماء فيما أعلم على أن قاطع الطريق واللص ونحوهما إذا رُفعوا إلى ولي الأمر، ثم تابوا بعد ذلك، لم
= وأخرج الحاكم في "المستدرك"(4/ 422) الحديث رواية طاووس عن عباس رضي الله عنه، وهذه الرواية سالمة من الانقطاع، ثم قال الحاكم:"هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، وصححه الذهبي في تعليقه على المستدرك، قال الألباني في "إرواء الغليل" (7/ 347):"وهو كما قالا، ولكني أتعجب منهما كيف لم يصححاه على شرط الشيخين".
(1)
انظر: المسألة السابعة عشرة تحت عنوان: "السارق إذا بلغ الإمام لم تجز الشفاعة فيه".
(2)
بدائع الصنائع (7/ 88).
يسقط الحد عنهم، بل تجب إقامته وإن تابوا" (1).
• ووجه الدلالة من كلام ابن تيمية: أنه من المعلوم أن من شروط توبة السارق رد ما سرقه إلى أصحابه، فكل تائب يلزم منه أن يرد المال المسروق لصاحبه، وليس كل من رد المال لصاحبه يلزم منه أن يكون تائبًا.
وعلى ذلك فمسألة الباب أخص من الكلام على مسألة التوبة، فمن حكى الإجماع على التوبة فقد حكى الإجماع على مسألة الباب، وليس العكس (2).
وإن كان ما نقله ابن تيمية من الكلام حول توبة من عليه الحد، أنها لا تسقط الحد، ليست محل إجماع متحقق، كما سيأتي بيانه إن شاء اللَّه تعالى (3).
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب:
حديث صفوان بن أمية رضي الله عنه أنه: سُرقت خميصته من تحت رأسه وهو نائم في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذ اللص، فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر بقطعه، فقال صفوان: أتقطعه؟ قال: (فهلا قبل أن تأتيني به تركته)(4).
• وجه الدلالة: عموم الحديث يدل على أن الأمر إذا بلغ الإمام فيجب إقامة الحد، سواء رد المال المسروق لصاحبه، أو استغنى عنه صاحبه وأسقط حقه منه.
• المخالفون للإجماع: التحقيق في مسألة الباب أنها محل تفصيل على حالين:
الحال الأولى: إن رد السارق المسروق لصاحبه مع توبة صادقة، فعدم سقوط الحد هو قول عامة أهل العلم، وليست محل إجماع، فإن عن الإمام
(1) الفتاوى (28/ 300)، وكذا نقل الإجماع غير واحد من أهل العلم على أن التوبة بعد الترافع لا تسقط الحد، وسيأتي ذكر النقولات في المسألة الخامسة والثمانون تحت عنوان:"حد السرقة لا يسقط بالتوبة بعد الرفع".
(2)
انظر: المحلى (12/ 15 - 23)، أحكام القرآن (2/ 115)، الصارم المسلول (1/ 507)، المنثور في القواعد الفقهية للزركشي (1/ 427).
(3)
انظر المسألة الخامسة والثمانون تحت عنوان: "حد السرقة لا يسقط بالتوبة بعد الرفع".
(4)
أحمد (24/ 15)، والنسائي (رقم: 4884).