الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• دليل المخالف: يدل على قطع العبد إن سرق من مال سيده قول اللَّه تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)} (1).
• وجه الدلالة: عموم الآية، وليس فيها تخصيص العبد فيما إذا سرق من سيده، أو من غيره.
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع سكوتي في بين الصحابة رضوان اللَّه تعالى عليهم، ثم ظهر الخلاف بعد ذلك من أبي ثور وداود، والجمهور على ما نُقل عن الصحابة، ولذا لما ذكر ابن رشد الحفيد المسألة قال. "اختلفوا فيما هو شبهة يدرأ من ذلك مما لا يدرأ منها، فمنها العبد يسرق مال سيده، فإن الجمهور من العلماء على أنه لا يقطع"(2)، واللَّه تعالى أعلم.
[71/ 1] المسألة الحادية والسبعون: من سرق شيئًا من الحمَّام ولا حافظ له، فلا قطع عليه
.
• المراد بالمسألة: أولًا: المراد بالحمَّام: الحمَّام لفظ مفرد مذكر، جمعه حمَّامات، وأنثه بعضهم، والمراد به البناء الذي أُعد للاغتسال، سمي بالحمّام؛ لأنه مكان للاستحمام، قال ابن الأثير (3): "المسْتَحَمُّ: الموضع الذي يُغْتَسل فيه بالحَميم وهو في الأصل: الماء الحارُّ ثم قيل للاغتِسال بأيِّ ماء كان
(1) سورة المائدة، آية (38).
(2)
بداية المجتهد ونهاية المقتصد (2/ 383)، وكذا قاله المطيعي في المجموع شرح المهذب (20/ 101) بنفس أحرف ابن رشد.
(3)
هو أبو السعادات، المبارك بن محمد بن محمد الشيباني، ابن الأثير الجزري، ثم الموصلي، الفقيه، المحدث، اللغوي، عالم بصنعة الحساب، والإنشاء، اتصل بخدمة السلطان وترقت به المنازل حتى باشر كتابة السر، ثم مرض وتعطلت حركة يديه ورجليه، وأنشأ رباطًا في قرية من قرى الموصل، ووقف أملاكه عليه، من تصانيفه:"جامع الأصول"، و"النهاية في غريب الحديث"، وغير ذلك، ولد سنة (544 هـ)، وتوفي سنة (606 هـ). انظر: سير أعلام النبلاء 1/ 8، البداية والنهاية 13/ 54، شذرات الذهب 5/ 21.
اسْتِحْمامٌ" (1).
• ثانيًا: صورة المسألة: لو ثبتت السرقة على شخص بما يوجب الحد، وكان السارق قد سرق من حمَّام لا حافظ له، دخله من بابه العام، فإنه لا قطع.
ويتبين مما سبق أن الحمام إن كان له حافظ، أو كان قد دخله من غير بابه، بل نقبه أو نحو ذلك ثم دخل، فمسألة أخرى ليست مرادة في الباب.
• من نقل الإجماع: ذكر ابن حزم (456 هـ) أن القول بعدم قطع من سرق من الحمَّام أنه قول أبي الدرداء رضي الله عنه ثم قال: "ولا يعرف له من الصحابة مخالف"(2). وقال ابن قدامة (628 هـ): "إذا سرق من الحمام ولا حافظ فيه فلا قطع عليها في قول عامتهم"(3).
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب:
(1) النهاية في غريب الأثر لابن الأثير، مادة:(حمم)، (1/ 445)، تهذيب الأسماء واللغات (3/ 69)، أمَّا المكان المُعد لقضاء الحاجة، فيسمى حُشًا. ويتبين من هذا أن ما يوضع في البيت لقضاء الحاجة إنما يسمى حمّامًا لوجود مكان للاغتسال بجانب المرحاض.
وقد قيل بأن أول من دخل الحمّامات هو سليمان بن داود عليه السلام، هذه الحمَّامات كثرت أنواعها منها حمَّام البخار، حيث يجلس المغتسلون في حجرة معبأة بالبخار إلى أن يتصببوا عرقًا، وتُنظف عملية التعرق هذه مسام الجلد، بعد ذلك ينضح المغتسلون الماء البارد على أجسامهم وذلك لإزالة العرق ولقفل المسام.
ومن هذه الأنواع المشتهرة: السَاونَا، حيث تُستخدم فيه الحرارة الجافة، ويتكون حمام السَاوْنا التقليدي من حجرة أو من حمَّام عمومي جداره مكسو بألواح خشبية وفيه فرن توضع فوقه حجارة ساخنة ومزود بمقاعد خشبية. ويجلس المغتسلون أو يستلقون على المقاعد الخشبية، ومن حين لآخر يسكبون بعض الماء فوق الحجارة الساخنة للحصول على البخار، ويظل الساوَنا جافًا حيث إن الجدران الخشبية تقوم بامتصاص الرطوبة، ويمكن أن يضرب المغتسلون أنفسهم برفق بمخْفقة خشبية وذلك للتخلص من الجلد الميت ولتنشيط الدورة الدموية. وبعد ذلك يشطفون أجسادهم بماء بارد. انظر: الموسوعة العربية العالمية، قرص إلكتروني لم يُطبع.
(2)
المحلى (12/ 413).
(3)
المغني (9/ 100).