الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• دليل المخالف: علل القائلون بإيجاب إقامة الحد بأن الباغي معتدي فيضمن ما أتلفه، بناء على الأصل، ولا يوجد دليل صحيح في إسقاط الحد عليه، ثم إن الأولى في حقه التغليظ لا التخفيف (1).
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة ليست محل إجماع بين أهل العلم؛ لخلاف بعض الظاهرية في المسألة.
[23/ 3] المسألة الثالثة والعشرون: الكف عن قتل من يعتقد الخروج على الإمام، وهو لا يكفر باعتقاده، ما لم ينصب لذلك حربًا
.
• المراد بالمسألة: لو وجدت طائفة لا تحمل معتقدًا كفريًا، لكنها تعتقد إباحة الخروج على الإمام، لكنهم لم يخرجوا، ولم يكونوا في دائرة الاستعداد للحرب، أو التجهز له، فليس للإمام قتلهم ولا قتالهم في هذه الحال لمجرد ما رأوه من إباحة الخروج.
ويتحصل مما سبق أن الطائفة لو كان لها معتقد كفري، أو كانت تتجهز للحرب، أو تتهيأ له بالتدرب، أو بانتظار مدد، أو غير ذلك، فكل هذا ليس مرادًا في مسألة الباب.
وكذا من جاء النص بقتالهم وهم الخوارج، فهؤلاء غير داخلين في مسألة الباب؛ لأن البداءة بقتالهم ولو لم يخرجوا على الإمام مذهب طائفة من أهل العلم، لا لاعتقادهم جواز الخروج، ولكن لما انتحلوه من معتقد الخوارج.
كما ينبه أن الإجماع هو في ترك قتالهم، أما مناصحتهم، وتبيين الحق لهم فمسألة أخرى.
= يقال بأن إسقاطهم للنفس يدل على إسقاط العرض من باب أولى، فاللَّه أعلم. انظر: مغني المحتاج (5/ 403)، الإنصاف (10/ 317).
(1)
انظر: المحلى (11/ 346 - 347).
• من نقل الإجماع: قال ابن جرير الطبري (310 هـ) فيما نقله عنه ابن حجر حيث قال في شرحه لحديث ذو الخويصرة (1) حين قال فيه خالد بن الوليد: دعني أضرب عنقه يا رسول اللَّه، فقال صلى الله عليه وسلم:(لا لعله أن يكون يصلي)(2): "فيه الكف عن قتل من يعتقد الخروج على الإمام ما لم ينصب لذلك حربًا، أو يستعد لذلك؛ لقوله: "فإذا خرجوا فاقتلوهم" وحكى الطبري الإجماع على ذلك في حق من لا يكفر باعتقاد"(3). وتبع الشوكاني (1250 هـ) ابن حجر في ذلك فنقل المسألة عن الطبري (4).
• مستند الإجماع: يمكن أن يستدل على مسألة الباب ما يلي:
1 -
النصوص الشرعية العامة على تحريم قتل النفس بغير حق، ومنها:
أ- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اجتنبوا السبع الموبقات) قالوا: يا رسول اللَّه، وما هن؟ قال:(الشِّرك باللَّه، والسحر، وقتل النفس التي حرم اللَّه إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات)(5).
ب- عن أنس رضي الله عنه قال: سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكبائر، قال:(الإشراك باللَّه، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، وشهادة الزور)(6).
(1) هو ذو الخويصرة التميمي، رأس الخوارج، اسمه حرقوص بن زهير السعدي، عده بعضهم من الصحابة، قال ابن حجر:"عندي في ذكره في الصحابة وقفة"، خاصم الزبير فأمر النبي صلى الله عليه وسلم باستيفاء حقه منه، وأمره عمر بن الخطاب بقتال الهرمزان، فاستولى على سوق الأهواز ونزل بها، ثم شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وبعد الحكمين صار من أشد الخوارج على علي، فقتل فيمن قتل بالنهروان سنة (37 هـ). انظر: الإصابة 2/ 49، الأعلام 2/ 173.
(2)
البخاري (رقم: 6995)، مسلم (رقم 1064).
(3)
فتح الباري (12/ 299).
(4)
انظر: نيل الأوطار (7/ 199).
(5)
البخاري (رقم: 2615)، مسلم (رقم: 89).
(6)
البخاري (رقم: 2510)، مسلم (رقم: 88).