الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ج - عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا اللَّه وأني رسول اللَّه إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، المارق من الدين التارك للجماعة)(1).
2 -
أن اللَّه تعالى لا يؤاخذ العبد بالمعصية ما لم يتكلم أو يعمل بها، كما في الصحيحين واللفظ للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن اللَّه تجاوز لي عن أمتي ما سوَّست به صدورها ما لم تعمل أو تكلم)(2).
3 -
يمكن أن يستدل له من النظر: أن قتال البغاة إنما شرع لدفع شرهم، وكف أذاهم، فإذا كانوا لم يعلنوا حربًا، أو يستعدوا له، بالتدرب أو انتظار مدد ونحوه، فليس فيهم شر يُدفع، أو أذى يُكف.
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[24/ 3] المسألة الرابعة والعشرون: لا يحل تملك شيء من أموال البغاة
.
• المراد بالمسألة: إذا بغت طائفة على الإمام فإنه لا يحل للإمام ولا أتباعه من أهل العدل أن يتملك من أموالهم شيء، لا قبل الحرب، ولا في أثنائه، لا بعده، فلا تُغنم أموالهم ولا تُخمس، كما هو الحال في قتال الكفار.
ويخرج من ذلك السلاح والخيل وكل ما كان آلة للسلاح يستخدمها البغاة، فإنها محل خلاف ولا تدخل في مسألة الباب.
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم (456 هـ): "اتفقوا أنه لا يحل تملك شيء من أموالهم ما داموا في الحرب"(3). وقال الموفق ابن قدامة (620 هـ): "أما
(1) البخاري (رقم: 6484)، مسلم (رقم: 1676).
(2)
صحيح البخاري (رقم: 2391)، صحيح مسلم (رقم: 127).
(3)
مراتب الإجماع (210).
غنيمة أموالهم -أي البغاة-، وسبي ذريتهم، فلا نعلم في تحريمه بين أهل العلم خلافًا" (1).
وقال شمس الدين ابن قدامة (682 هـ): "لا يغنم لهم مال ولا يسبى لهم ذرية، ولا نعلم في تحريمه بين أهل العلم خلافًا"(2).
وقال ابن المرتضى (840 هـ): "لا يجوز سبيهم، ولا اغتنام ما لم يجلبوا به، إجماعًا"(3)، ونقله عنه الشوكاني (4).
• مستند الإجماع: استدل الفقهاء لمسألة الباب بما يلي:
1 -
عموم الآيات والأحاديث الدالة على تحريم أخذ مال المسلم وهي كثيرة، فمن الكتاب قول اللَّه تعالى:{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188)} (5).
ومن السنة حديث أبي بكرة رضي الله عنه وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام)(6).
2 -
من النظر: أن البغاة لا يخرجون عن دائرة الإسلام ببغيهم، فهم داخلون ضمن النصوص الشرعية التي تحرم أن يأخذ الرجل مال أخيه المسلم (7).
• المخالفون للإجماع: نقل ابن حزم عن الحسن بن حَيِّ الخلاف لما عليه الجمهور، وأنه ذهب إلى أن أموال البغاة تغنم وتخمس إذا كانت في
(1) المغني (9/ 10).
(2)
الشرح الكبير (10/ 59).
(3)
البحر الزخار الجامع لمذاهب الأمصار (1/ 420).
(4)
نيل الأوطار (7/ 202)، وانظر: الموسوعة الكويتية (4/ 208)، حيث قال:"وقد اتفق الفقهاء على عدم جواز سبي نساء البغاة وذراريهم".
(5)
سورة البقرة، آية (188).
(6)
صحيح البخاري (رقم: 67)، صحيح مسلم (رقم: 1679).
(7)
المحلى (11/ 343 - 344).
معسكرهم، أما ما في بيوتهم فلا يجوز أخذها أو تملكها (1).
• دليل المخالف: ما يُستدل لما قاله الحسن بن حَيِّ بما أخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن عصمة الأسدي رضي الله عنه (2) قال: "بهش الناس (3) إلى علي فقالوا: اقسم بيننا نساءهم وذراريهم؟
فقال علي: عنتني الرجال فعنيتها، وهذه ذرية قوم مسلمين في دارهم، لا سبيل لكم عليهم، ما أوت الدار من مال فهو لهم، وما أجلبوا به عليكم في عسكرهم فهو لكم مغنم (4).
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم، والمخالف، فيها قوله شاذ.
(1) انظر: المحلى (11/ 343).
(2)
هو عصمة بن عبد اللَّه الأسدي، ويقال: عصيمة، من بني أسد بن خزيمة، حليف لبني مازن بن النجار، شهد بدرًا، وأحدًا، وما بعدهما من المشاهد، وتوفى في خلافة معاوية رضي الله عنهما. انظر: الاستيعاب 3/ 1070، الإصابة 4/ 504.
(3)
البهش بمعنى الفرح، وبهش فلان لفلان: أي أقبل إليه مسرعًا مسرورًا. انظر: مقاييس اللغة (1/ 288)، النهاية في غريب الأثر، مادة:(بهش).
(4)
انظر: المحلى (11/ 343)، وقد ضعفه ابن حزم فقال:"هذا خبر في غاية الفساد؛ لأن ابن عيينة رحمه الله رواه عن أصحابه الذين لا يدري من هم، ثم عن حكيم بن جبير، وهو هالك كذاب".