الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع مسائل الإجماع فيما لا يوجب حد البغاة
[22/ 3] المسألة الثانية والعشرون: من استباح من البغاة فرجًا حرامًا بتأويل القرآن فإن الحد لا يقام عليه
.
• المراد بالمسألة: لو خرج البغاة على إمام بتأويل سائغ، ولهم منعة، واستباحوا فروجًا محرمة بتأويل سائغ، فإنه لا يقام عليه حد الزنى باستباحاتهم لتلك الفروج.
ويتبين مما سبق أن البغاة إن لم تكن لهم منعة، أو لم يكن لهم تأويل سائغ، فيما استباحوه من الفروج، فكل ذلك غير مراد في مسألة الباب.
• من نقل الإجماع: المسألة ذكرها الزهري (124 هـ) إجماعًا للصحابة كما أخرجه البيهقي عن الزهري بلفظ: "كتب إليه سليمان بن هشام يسأله عن امرأة فارقت زوجها وشهدت على قومها بالشرك، ولحقت بالحرورية، فتزوجت فيهم ثم جاءت تائبة.
قال: فكتب إليه الزهري وأنا شاهد: أما بعد، فإن الفتنة الأولى ثارت وفي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ممن شهد بدرًا، فرأوا أن يهدم أمر الفتنة، لا يقام فيها حد على أحد في فرج استحله بتأويل القرآن، ولا قصاص في دم استحله بتأويل القرآن، ولا مال استحله بتأويل القرآن، إلا أن يوجد شيء بعينه، وإني أرى أن تردها إلى زوجها وتحد من قذفها" (1).
ونقله ابن قدامة (2).
(1) سنن البيهقي الكبرى (8/ 175).
(2)
المغني (9/ 9).
• مستند الإجماع: استدل لمسألة الباب بأدلة منها:
1 -
• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى أمر بقتال الفئة الباغية حتى ترجع عن بغيها، ولم يذكر سبحانه ضمان ما أتلفوه من مال أو نفس أو عرض.
2 -
أن هذا إجماع الصحابة رضوان اللَّه تعالى عليهم، فإنهم في قتال الجمل وصفين لم يضمن أحد للآخر ما قتل، أو أتلف من مال، وقد أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه عن ابن شهاب الزهري أنه قال:"هاجت الفتنة وأصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم متوافرون، فاجتمع رأيهم على أنه لا يقاد، ولا يودى ما أصيب على تأويل القرآن، إلا مال يوجد بعينه"(2).
3 -
من النظر: أن ترك إقامة الحد عليهم أدعى لتوبتهم؛ فإن القول بتغريمهم قد يؤدي إلى تنفيرهم عن التوبة والعود إلى الطاعة، ويكون ذلك حاملًا لهم على التمادي فيما هم فيه (3).
• المخالفون للإجماع: خالف بعض الظاهرية منهم ابن حزم في مسألة الباب فرأوا أن عليه الحد (4).
(1) سورة الحجرات، آية (9).
(2)
مصنف ابن أبي شيبة (6/ 439).
(3)
انظر: المغني (9/ 9).
(4)
انظر: المحلى (11/ 346 - 347)، وإن كانت كتب المذاهب الأربعة تصرح بإسقاط حق المال والنفس، ويسكتون عن العرض فلا يتطرقون له بإثبات أو إسقاط، وهذا الصنيع قد يقال بأنه دليل على أنهم يرون موافقة ابن حزم في عدم القول بإسقاطه كما صرحوا به في المال والنفس، وقد =