الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قبلي، وإنها أحلت لي ساعة من نهار، وانها لن تحل لأحد بعدي، فلا ينفر صيدها، ولا يختلي شوكها، ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد، ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين: إما أن يفدى، وإما أن يقتل) (1)، ومعلوم أن الفداء لا يكون إلا بعد العفو.
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة ليست محل إجماع محقق بين أهل العلم؛ لخلاف سعيد بن المسيب، وعطاء، ومجاهد، والحسن، والضحاك، والنخعي، وأبي الزناد، وأبي ثور، وداود، وغيرهم.
[35/ 2] المسألة الخامسة والثلاثون: المرتد إذا حارب اللَّه ورسوله صلى الله عليه وسلم وسعى في الأرض فسادًا فإن حد الحرابة يطبق عليه
.
• المراد بالمسألة: لو أن شخصًا كان مسلمًا ثم ارتد، أو كان من أهل الذمة، وثبتت عليه حد الحرابة، فيقام عليه الحد كالمسلم.
ويتبين مما سبق أن غير المرتد، غير داخل في مسألة الباب، كالحربي، والمعاهد، والمستأمن ونحوهم.
• من نقل الإجماع: قال ابن جرير (310 هـ) بعد نقله لأقوال أهل العلم في معنى قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34)} (2): "وأولى هذه الأقوال في ذلك بالصواب عندي، قولُ من قال: توبة المحارب الممتنع بنفسه أو بجماعة معه قبل القُدرة عليه، تضع عنه تَبِعات الدنيا التي كانت لزمته في أيام حربه وحرابته، من حدود اللَّه، وغرم لازم، وقود وقصاص، إلا ما كان قائمًا في يده من أموال المسلمين والمعاهدين بعينه، فيرد على أهله؛ لإجماع الجميع على أن ذلك حكم الجماعة الممتنعة المحاربة للَّه
(1) صحيح البخاري (رقم: 112)، وصحيح مسلم (رقم: 1355).
(2)
سورة المائدة (34).
ولرسوله، الساعية في الأرض فسادًا على وجه الردة عن الإسلام، فكذلك حكم كل ممتنع سعى في الأرض فسادًا، جماعة كانوا أو واحدًا" (1).
• مستند الإجماع: أما المرتد فدليله حديث العرنيين، كما في الصحيحين، واللفظ لمسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه:"أن ناسًا من عرينة قدموا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة، فاجتووها، فقال لهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة فتشربوا من ألبانها وأبوالها)، ففعلوا، فصحوا، ثم مالوا على الرعاة، فقتلوهم، وارتدوا عن الإسلام، وساقوا ذود رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث في أثرهم، فأتي بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم، وتركهم في الحرة حتى ماتوا"(2).
فإن نزول آية الحرابة كانت بسببهم، وهم قوم ارتدوا بعد إسلامهم كما هو ظاهر الرواية.
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
(1) تفسير ابن جرير (10/ 287 - 288)، وقال في الموسوعة الكويتية (7/ 136):"ويعاقب أهل الذمة بعقوية قطع الطريق الحرابة إذا توفرت شروطها كالمسلمين بلا خلاف".
(2)
البخاري (رقم: 231)، ومسلم (رقم: 1671)، واللفظ له.