الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وخرَّج ابن عابدين القول بضمان ما أتلفه العادل على الباغي بتخريج آخر فقال: "ويظهر لي التوفيق بوجه آخر، وهو حمل الضمان على ما قبل تحيزهم وخروجهم، أو بعد كسرهم، وتفرق جمعهم، أما إذا تحيزوا لقتالنا مجتمعين فإنهم غير معصومين، بدليل حل قتالنا لهم، ويدل عليه تعليل "الهداية" بالأمر بقتالهم؛ إذ لا يؤمر بقتالهم إلا في هذه الحالة، فلو أتلف العادل منهم شيئًا في هذه الحالة لا يضمنه لسقوط العصمة، بخلاف غيرها فإنه يضمن؛ لأنه حينئذٍ معصوم في حقِّنا"(1).
[5/ 3] المسألة الخامسة: قتل الباغي قبل الإسار مباح
.
• المراد بالمسألة: لو خرج جماعة بغاة على الإمام، فقُتِل أحد البغاة أثناء حربه، لدفع شره، قبل أسرهم، ولم يمكن دفعه إلا بذلك، فذلك مباح ولا إثم على قاتله.
ويتبين من ذلك أن القتل لو كان بعد أسره، أو في أثناء البغي لكن حال قعود البغاة عن الحرب، أو كان يمكن دفعه بلا قتل، فكل ذلك غير مراد في مسألة الباب.
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم (465 هـ) في معرض نقاشه مع القائلين بجواز قتل الباغي بعد أسره، فذكر جملة من أدلتهم منها قوله:"فإن قالوا: قد كان قتله بلا خلاف مباحًا قبل الإسار، فهو على ذلك بعد الإسار حتى يمنع منه نص، أو إجماع"(2). وقال الكاساني (587 هـ): "لا خلاف في أن العادل إذا قتل باغيًا لا يحرم الميراث؛ لأنه لم يوجد قتل نفس بغير حق لسقوط عصمة نفسه"(3).
• مستند الإجماع: يدل على المسألة قول اللَّه تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ
(1) رد المحتار على الدر المختار (4/ 267).
(2)
المحلى (11/ 338).
(3)
بدائع الصنائع (7/ 142).