الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خلقه، لا يأبى ذلك ولا ينكره إلا من انتحل مذاهب الحلولية" (1).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فكل من قال: إن اللَّه بذاته في كل مكان، فهو مخالف للكتاب، والسنة، وإجماع سلف الأمة وأئمتها، مع مخالفته لما فطر اللَّه عليه عباده؛ ولصريح المعقول"(2).
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[92/ 4] المسألة الثانية والتسعون: من لم يعتقد وجوب الصلاة كفر
.
• المراد بالمسألة: المسلم إذا أنكر وجوب الصلوات الخمس المفروضة، وأنها مما فرضه اللَّه تعالى، ولم يكن لذلك الإنكار عذر مسوغ فإنه يكون كافرًا، وحكمه حكم المرتد.
ويتحصل مما سبق أن من جحد وجوب الصلوات الخمس المفروضة بعذر مسوِّغ ككونه حديث عهد بإسلام مثلًا، فإن ذلك غير داخل في مسألة الباب، وكذا من حجد وجوب غير الصلوات الخمس، كصلاة العيدين، أو الكسوف، أو الوتر، أو غيرها من الصلوات، فكل ذلك غير مراد في المسألة.
• من نقل الإجماع: قال الخطابي (388 هـ): "التروك على ضروب: منها ترك جحد للصلاة، وهو كفر بإجماع الأمة"(3). وقال ابن حزم (456 هـ): "لا خلاف من أحد من الأمة في أن الصلوات الخمس فرض، ومن خالف ذلك فكافر"(4). وقال ابن عبد البر (463 هـ): "أجمع المسلمون على أن جاحد فرض الصلاة كافر، يقتل إن لم يتب من كفره ذلك"(5).
(1) الإبانة (3/ 136).
(2)
مجموع الفتاوى (5/ 125)، وانظر: التمهيد (7/ 129)، العلو للذهبي (2/ 305).
(3)
معالم السنن (4/ 314).
(4)
المحلى (2/ 4).
(5)
الاستذكار (2/ 149)، وانظر: الاستذكار (1/ 235).
وقال ابن رشد الجد (520)(1): "فمن جحد الصلاة فهو كافر يستتاب، فإن تاب وإلا قُتل. . . بإجماع أهل العلم، لا اختلاف بينهم فيه"(2). وقال القاضي عياض (544 هـ): "أجمع المسلمون على قتل الممتنع عن أداء الصلاة والزكاة، مكذبًا بهما"(3). وقال ابن الأثير (606 هـ): "من أنكر فرضية أحد أركان الإسلام كان كافرًا بالإجماع"(4)، ونقله عنه ابن منظور (5).
وقال ابن قدامة (620 هـ): "لا خلاف بين أهل العلم في كفر من تركها جاحدًا لوجوبها، إذا كان ممن لا يجهل مثله ذلك"(6). وقال بهاء الدين المقدسي (624 هـ): "فمن جحد وجوبها لجهله عُرِّف ذلك، وإن جحدها عنادًا كفر بالإجماع"(7).
وقال القرطبي (671 هـ): "ولا خلاف بين المسلمين أن من ترك الصلاة وسائر الفرائض مستحلًا كفر"(8). وقال النووي (676 هـ): "أما تارك الصلاة فإن كان منكرًا لوجوبها فهو كافر لإجماع المسلمين خارج من ملة الإسلام"(9).
وقال شمس الدين ابن قدامة (682 هـ): "لا خلاف بين أهل العلم في كفر من ترك الصلاة جاحدًا لوجوبها، إذا كان ممن لا يجهل مثله"(10).
(1) هو أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد القرطبي، المالكي، تفقَّه على أبي جعفر بن رزق
وأبي عبد اللَّه بن فرج وغيرهما حتى صار كبير فقهاء وقته في الأندلس والمغرب، ولي قضاء قرطبة وإمام جامع الكبير فيها، من تصانيفه:"البيان والتحصيل"، و"المقدمات لأوائل كتب المدونة"، ولد سنة (450 هـ)، وتوفي سنة (520 هـ). انظر: سير أعلام النبلاء، 21/ 307، شذارات الذهب 4/ 320، الأعلام للزركلي، 5/ 318.
(2)
المقدمات (100).
(3)
إكمال المعلم (1/ 181).
(4)
النهاية في غريب الأثر (4/ 187).
(5)
لسان العرب، مادة:(كفر)، (5/ 144).
(6)
المغني (9/ 21)، وانظر:(2/ 156) حيث قال: "لا أعلم في هذا خلافًا".
(7)
العدة شرح العمدة (55).
(8)
تفسير القرطبي (8/ 74).
(9)
شرح النووي (2/ 70)، وانظر: المجموع (3/ 16) حيث نقل الإجماع كذلك.
(10)
الشرح الكبير (10/ 75).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ): "من لم يعتقد وجوبها على كل عاقل، بالغ، إلا الحائض والنفساء، فهو كافر، مرتد، باتفاق أئمة المسلمين"(1). وقال أيضًا: "أما إذا جحد وجوبها فهو كافر بإجماع المسلمين"(2).
وقال ابن مفلح (763 هـ): "من جحد وجوبها كفر إجماعًا"(3). وقال البابرتي (786 هـ): "أجمعت الأمة من لدن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا على فرضيتها -أي الصلوات الخمس- من غير نكير منكر، ولا رد راد، فمن أنكر شرعيتها كفر بلا خلاف"(4)، وبنفس هذا الحرف ذكره دامان الحنفي (5).
وقال ابن فرحون (799 هـ): "جاحد الصلاة كافر باتفاق"(6). وقال ابن مفلح المقدسي (844 هـ): "من جحد وجوبها كفر إذا كان ممن لا يجهله كالناشئ بين المسلمين في الأمصار. . . ويصير مرتدًا بغير خلاف نعلمه"(7)، نقله عنه البهوتي (8)، وشمس الدين ابن قدامة (9).
وقال العيني (855 هـ): "أما الصلاة فمذهب الجماعة أن من تركها جاحدًا فهو مرتدد"(10). وقال ابن حجر الهيتمي (973 هـ): "إن ترك مكلف الصلاة المكتوبة التي هي إحدى الخمس، جاحدًا وجوبها، كفر إجماعًا"(11).
وقال الشوكاني (1250 هـ): "لا خلاف بين المسلمين في كفر من ترك الصلاة منكرًا لوجوبها"(12).
(1) الفتاوى الكبرى (1/ 180)، وانظر:(3/ 478).
(2)
مجموع الفتاوى (28/ 308).
(3)
الفروع (1/ 295).
(4)
العناية شرح الهداية (1/ 217).
(5)
انظر: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (1/ 68).
(6)
انظر: تبصرة الحكام بأصول الأقضية ومناهج الأحكام (2/ 188).
(7)
المبدع (1/ 305).
(8)
انظر: كشاف القناع (1/ 227)
(9)
انظر: الشرح الكبير (1/ 382).
(10)
عمدة القاري (24/ 81).
(11)
تحفة المحتاج إلى شرح المنهاج (3/ 83).
(12)
نيل الأوطار (1/ 361).
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب أن نصوص الشارع متوافرة على وجوب الصلاة فمن ذلك:
1 -
2 -
قال تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11)} (2).
3 -
4 -
قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)} (4).
والآيات في هذا الباب كثيرة.
5 -
عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان)(5).
6 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم بارزًا يوما للناس، فأتاه جبريل فقال: ما الإيمان؟ قال: (أن تؤمن باللَّه، وملائكته، وبلقائه، ورسله، وتؤمن بالبعث)، قال: ما الإسلام؟ قال: (الإسلام أن تعبد اللَّه ولا تشرك به، وتقيم الصلاة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان. . . الحديث)(6).
7 -
عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: (أمرت أن أقاتل الناس حتى
(1) سورة التوبة، آية (5).
(2)
سورة التوبة، آية (11).
(3)
سورة البينة، آية (5).
(4)
سورة الماعون، آية (4 - 5).
(5)
صحيح البخاري، (رقم: 7)، وصحيح مسلم (رقم: 16).
(6)
صحيح البخاري (رقم: 50)، وصحيح مسلم (رقم: 9 - 10)، وتفرد به مسلم (رقم: 8).
يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على اللَّه) (1).
8 -
عن جندب بن جنادة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى في منامه أنه يأتي على رجل يُثلغ (2) رأسه بالحجارة، فأخبره جبريل عن ذلك بأنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة (3).
9 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: (إنك ستأتي قومًا أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن اللَّه قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن اللَّه قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينه وبين اللَّه حجاب)(4).
10 -
عن طلحة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من أهل نجد، ثائر الرأس، يُسمع دوي صوته، ولا يُفقه ما يقول، حتى دنا، فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(خمس صلوات في اليوم والليلة)، فقال: هل على غيرها؟ قال: (لا، إلا أن تطوع)، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(وصيام رمضان)، قال: هل على غيره؟ قال: (لا، إلا أن تطوع)، قال: وذكر له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الزكاة، قال: هل على غيرها؟ قال: (لا، إلا أن تطوع)، قال:
(1) صحيح البخاري (رقم: 25).
(2)
أي يشدخه ويهشمه، قال ابن فارس في مقاييس اللغة (1/ 349):"الثاء واللام والغين كلمة واحدة، وهو شَدْخُ الشيء، يقال ثَلَغْت رأسَه: أي شدَخْته".
(3)
صحيح البخاري (رقم: 1092).
(4)
البخاري (رقم: 1389)، مسلم (رقم: 19).