الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَرُد عليه النبي صلى الله عليه وسلم قوله ذلك (1).
وقد سبقت الأدلة في قتل من سب النبي صلى الله عليه وسلم، وهي تصلح دليلًا هنا، لأن قتله كان بموجب الحكم عليه بالردة في أذيته للنبي صلى الله عليه وسلم بالسب (2).
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم، لكن هذا الإجماع إنما هو في أصل المسألة، وإن كانوا يختلفون في ضابط أذيته صلى الله عليه وسلم التي يحكم فيها بالكفر، فمِن ذلك خلافهم في سب أزواجه صلى الله عليه وسلم، فقال بعضهم هو كفر باعتبار أنه أذية للنبي صلى الله عليه وسلم، وقال آخرون ليس بكفر، ولم يعتبروا فيه معنى الأذية للنبي صلى الله عليه وسلم.
وكذا كل ذنب فهو مؤذ للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا يمكن القول بأن كل ذنب كفر فإن هذا معتقد الوعيدية، فلا بد من ضابط لمسألة الباب كما نبه على ذلك السبكي فقال:"إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم أمر عظيم إلا أنه ينبغي ضابط فيه، فإنه قد يقال: إن فعل المعاصي كلها يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم"(3).
وقد ذكر شيخ الإسلام في ذلك ضابطًا فقال: "الفعل إذا آذى النبي من غير أن يعلم صاحبه أنه يؤذيه، ولم يقصد صاحبه أذاه، فإنه ينهى عنه ويكون معصية، كرفع الصوت فوق صوته، فأما إذا قصد أذاه وكان مما يؤذيه وصاحبه يعلم أنه يؤذيه، وأقدم عليه مع استحضار هذا العلم، فهذا الذي يوجب الكفر وحبوط العمل"(4)، واللَّه أعلم.
[76/ 4] المسألة السادسة والسبعون: الكلمة الواحدة في هجاء النبي صلى الله عليه وسلم موجبة للكفر
.
• المراد بالمسألة: مما أمر اللَّه تعالى به توقير النبي صلى الله عليه وسلم، فمن تكلم عليه بقدح أو هجاء، سواء كان الهجاء في صفة خلْقه، أو أخلاقه، من الصدق،
(1) انظر: شرح ابن بطال (8/ 41)، عمدة القاري (13/ 235).
(2)
انظر: المسألة السابعة والأربعون تحت عنوان: "مشروعية قتل ساب الرسول صلى الله عليه وسلم".
(3)
فتاوى السبكي (2/ 572).
(4)
الصارم المسلول (1/ 59).
والكرم، ونحو ذلك، فكل ذلك كفر مخرج من الملة.
• من نقل الإجماع: قال القاضي عياض (544 هـ): "من أضاف إلى نبينا صلى الله عليه وسلم تعمد الكذب فيما بلغه وأخبر به، أو شك في صدقه، أو سبه، أو قال: إنه لم يبلِّغ، أو استخف به، أو بأحد من الأنبياء، أو أزرى عليهم، أو آذاهم، أو قتل نبيًا، أو حاربه، فهو كافر بإجماع"(1). وقال النووي (676 هـ): "أجمع المسلمون على أن الكلمة الواحدة من هجاء النبي صلى الله عليه وسلم موجبة للكفر"(2) وقال ابن تيمية (728 هـ): "أذى الرسول صلى الله عليه وسلم من أعظم المحرمات؛ فإنّ من آذاه فقد آذى اللَّه، وقتل سابّه واجب باتفاق الأمّة"(3).
ويضاف إليه النقولات في قتل ساب النبي صلى الله عليه وسلم (4).
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب الأثر والنظر:
• أولًا: من الأثر:
1 -
2 -
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57)} (6).
• وجه الدلالة: في الآية وعيد من اللَّه تعالى لمن آذى النبي صلى الله عليه وسلم بالعذاب المهين، وهجاء النبي صلى الله عليه وسلم أذية له.
(1) الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/ 284).
(2)
شرح النووي (15/ 14).
(3)
مجموع الفتاوى (15/ 169).
(4)
انظر المسألة السابعة والأربعون بعنوان "مشروعيّة قتل ساب الرسول صلى الله عليه وسلم والمسألة الأولى بعد المئة بعنوان "ظن السوء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام كفر".
(5)
سورة التوبة، آية (61).
(6)
سورة الأحزاب، آية (57).