الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب:
1 -
قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)} (1).
• وجه الدلالة: عموم الآية حيث أوجبت القطع بكل سرقة، فيدخل في ذلك الحنطة والسكر، ولا يوجد دليل يُخرِج السكر والحنطة من هذا العموم.
2 -
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أنه سئل عن الثمر المعلق؟ فقال: (ما أصاب من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه، ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة، ومن سرق شيئًا منه بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع، ومن سرق دون ذلك فعليه غرامة مثليه والعقوبة)(2).
• وجه الدلالة: في الحديث دلالة على وجوب القطع في الثمر الذي يؤوى في الجرين، أي مما لا يتسارع إليه الفساد، والحنطة والسكر من هذا النوع (3).
2 -
أن السكر والحنطة مال متقوم، وليس ثمة دليل على منع القطع به، فيبقى على الأصل.
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[59/ 1] المسألة التاسعة والخمسون: يقطع في العسل والخل
.
• المراد بالمسألة: أولًا: تعريف العسل والخل: العَسَل: يُذكر ويُؤنث،
(1) سورة المائدة، آية (38).
(2)
أخرجه أحمد (11/ 273)، الترمذي (رقم: 1289)، أبو داود (رقم: 4390)، النسائي (رقم: 4958).
(3)
انظر: العناية شرح الهداية (5/ 366 - 367)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (216).
والتأنيث أكثر (1) ويطلق العسل في لغة العرب على أحد أصلين:
الأول: بمعنى الحرَكة والاضطراب.
الثاني: الطعام الحلو.
قال ابن فارس: "العين والسين واللام، الصحيح في هذا الباب أصلان، وبعدهما كلماتٌ إن صحّت، فالأول من الأصلين دالٌّ على الاضطراب، والثاني: طعامٌ حُلْو"(2).
وهذا المعنى الثاني هو المراد به في هذا البحث، إلا أنه طعام مخصوص وهو: سائل حلو تصنعه النحل من الرحيق الذي تجمعه من الأزهار، وتُحوِّل السكروز من الرحيق إلى سكر محوَّل -مزيج متعادل من الفركتوز والجلوكوز-.
والسُّكَّر المحول هو المكوِّن الرئيسي في العسل الذي يحتوي أيضًا على كميات قليلة من فيتامينات وعناصر مغذية أخرى (3).
واختُلِف في العسل في مصدر العسل من النحل على قولين:
فقيل: هو لعاب النحل، تخرجه من أفواهها، وذلك أنها تأكل من الأزهار والأوراق ما يملأ بطونها، ثم إنه تعالى يقلب تلك الأجسام في داخل أبدانها عسلًا، ثم تلقيه من أفواهها. وقال آخرون: تخرج من أدبارها (4).
أما الخل: الخل مفرد جمعه خُلُول، وهو يطلق في اللغة على ثلاثة معان:
الأول: ما حَمُض من عصير العنب وغيره، وهو لفظ عربي صحيح.
الثاني: الطريق النافذ بين رملتين، أو النافذ في الرمل المتراكم، وكذا على
(1) انظر: مصباح المنير، مادة:(ع س ل)، (409 - 410).
(2)
مقاييس اللغة، مادة:(عسل)، (4/ 313)، وانظر: المعجم الوسيط، باب: العين، (2/ 601).
(3)
انظر: الشفاء بالنباتات والأعشاب لابن سينا (299)، معجم الكيماء (131)، قاموس الغذاء والتداوي بالنبات لأحمد قدامة (400).
(4)
تاج العروس، مادة:(عسل)، (29/ 272).
الثوب البالي إذا ظهرت فيه طُرُقًا.
الثالث: عِرْق في العنق متصل بالرأس (1).
والمراد بالخل هنا فهو المعنى الأول وهو سائل حمضي يُستخدم لتتبيل الأطعمة وحفظها، ويَنْتُج الخل بتفاعل الخميرة مع البكتيريا في المنتجات الزراعية، التي تشمل الفواكه والحبوب والمحاليل السكرية مثل العسل والدبس، وتأخذ مختلف أنواع الخل أسماءها من المواد الخام المستخدمة، فمثلًا يأتي خل النبيذ من العنب، وخل التفاح من التفاح، وخل المِلْت من الشعير (2).
(1) انظر: العين، باب:(الخاء واللأم خ ل ل خ مستعملان)(4/ 139 - 140)، تاج العروس، مادة:(خلل)، (28/ 240)، المحيط في اللغة، باب: الخاء واللام، (4/ 174).
(2)
ويتم تصنيع الخل على عدة خطوات هي:
أولًا: تُسال المواد الخام وتُضبط محتوياتها من السُكَّر في المستوى الذي يرغب فيه المنتج، وتُعصر الفواكه بينما تُنقع الحبوب في الماء بعملية تسمى الإنتاش أو الإملات لإخراج السكَّر، ويضاف الماء إلى العسل أو الدِبس لتخفيف (إضعاف) تركيز السُكَّر.
في الخطوة الثانية: يحول السكَّر في السائل إلى كحول. وتسمى هذه العملية التخمُّر، ويخضع السائل للتخمر في برميل أو خزان لا يدخله الهواء، وتضاف الخميرة إلى السائل حيث تبدأ عملية التخمر التي تستمر يومين أو ثلاثة.
وفي الخطوة الثالثة: يتحول الكحول إلى حمض خل وماء في عملية تسمى التخليل، ويعطي حمض الخل للخل طعمه الحمضي وخاصيته الحافظة، وتتسبب بكتيريا تنتمي إلى نوع يسمى بكتيريا الخل، مع الهواء في إحداث التخليل.
وتعتمد سرعة عملية التخليل إلى حد كبير على معدل تعريض الكحول للهواء، والواقع أن الطرق المستخدمة حاليًا في صغ الخل تسمح بتعريض الكحول سريعًا للهواء، وتتطلب هذه العملية في العادة يومًا أو يومين.
وفي هذه الطريقة يسيل الكحول من خلال طبقة من نشارة الخشب، أو الأجزاء الخشبية من عرنوس الذرة، أو مادة خشنة أخرى معبأة في وعاء يُسمى المرجل، ويلامس الكحول الهواء الذي يتم ضخه من قاع المرجل إلى أعلى السائل أثناء مروره من خلال طبقة النشارة، ويمكن أن يصر السائل من خلال المرجل عدّة مرات قبل أن يتحول الكحول إلى حمض بعد التخليل، يتم ترشيح الخل لإزالة الشوائب، وبعد ذلك يُبستر الخل ويعبأ في زجاجات للبيع.
• ثانيًا: صورة المسألة: لو ثبتت السرقة على شخص بما يوجب القطع، وكان المسروق خلًا أو عسلًا، فإن على الإمام إقامة حد القطع على السارق.
• من نقل الإجماع: قال الزيلعي (743 هـ): "في الخل يقطع إجماعًا. . . وكذا في العسل"(1) ونقله عنه ابن نجيم (2).
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب ما يلي:
1 -
قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)} (3).
• وجه الدلالة: عموم الآية حيث أوجبت القطع بكل سرقة، فيبقى هذا العموم على الأصل حتى يرد الدليل إخراج شيء منه، وليس ثمة دليل يُخرِج العسل أو الخل من هذا العموم.
2 -
أن العسل والخل كلٌ منهما مال محترم متقوَّم، وليس ثمة دليل على منع القطع به، فيبقى على الأصل (4).
• المخالفون للإجماع: هذا الإجماع تعقبه ابن نجيم وغيره بأن ثمة قول عن أبي حنيفة بأن الخل لا قطع فيه؛ لأنه صار خمرًا (5).
وحمل بعض الحنفية قول أبي حنيفة إما على أن أنه رواية، أو أن الإجماع
= ويحتوي الخل الذي يتم بيعه للاستخدام المنزلي على 5 % من حمض خل، ويمكن أن يحتوي على 4 % فقط، وتحتوي معظم أنواع الخل التي تباع لأغراض تجارية على 12 - 15 في المائة حمض خل. انظر: معجم الكيمياء (90) الموسوعة العربية العالمية، قرص إلكتروني غير مطبوع.
(1)
تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (3/ 216).
(2)
البحر الرائق شرح كنز الدقائق (5/ 57).
(3)
سورة المائدة، آية (38).
(4)
انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (3/ 216)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (5/ 57)، شرح فتح القدير (5/ 368).
(5)
انظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق (5/ 57)، شرح فتح القدير (5/ 368).