الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وجه الدلالة من الأحاديث السابقة: أن النبي صلى الله عليه وسلم صرح بتحريم الخلوة بغير المحارم، وأرجع الرجل من الجهاد ليرافق امرأته، وذلك لا يكون إلا لأمر واجب.
• ثالثًا: الإجماع: أجمع أهل العلم على تحريم الخلوة بالأجنبية، حيث نقل الإجماع على ذلك جمع من أهل العلم منهم القرطبي (1)، وابن تيمية (2)، والنووي (3)، وابن حجر (4)، والصنعاني (5).
فإذا تقرر هذا فإن من استحل الخلوة بالأجانب فقد استحل ما حرمه الشارع بالنصوص الصريحة، واستحل ما تحقق الإجماع على تحريمه، وهذا كفر؛ لأنه رد لصريح النصوص الشرعية.
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[82/ 4] المسألة الثانية والثمانون: من استحل التلوط بملك اليمين كفر
.
• المراد بالمسألة: أولًا: تعريف اللواط: اللواط لغةً: قال ابن فارس: "اللام والواو والطاء كلمةٌ تدل على اللُّصوق"(6).
قال ابن منظور: "لاط الحوْضَ بالطين لَوْطًا طَيَّنه. . . وكل شيء لَصِق بشيء فقد لاطَ به يَلوط لَوْطًا ويَليطُ لَيْطًا ولِياطًا. . . ولاط بحقه ذهب به، واللَّوْطُ الرِّداء. . . ولاطَ الرجلُ لِواطًا ولاوطَ أَي عَمِل عَمَل قومِ لُوطٍ. . . واللِّياطُ الرِّبا وجمعه: لِيطٌ".
اللواط شرعًا: إتيان الذَّكر الذَّكر بإيلاج الحشفة أو قدرها في دبره (7)، هو
= قال الحاكم في "المستدرك"(1/ 197): "حديث صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني بشواهد في. "إراواء الغليل"(6/ 215).
(1)
انظر: تفسير القرطبي (3/ 360).
(2)
انظر: الفتاوى الكبرى (1/ 281).
(3)
انظر: شرح النووي (9/ 109)، (14/ 153)، وانظر: طرح التثريب (7/ 41).
(4)
انظر: فتح الباري (4/ 77)
(5)
انظر: سبل السلام (1/ 608).
(6)
مقاييس اللغة (5/ 221).
(7)
انظر: الفواكه الدواني (1/ 118)، تحفة الحبيب على شرح الخطيب (4/ 176)، معجم لغة الفقهاء (1/ 394).
عمل قوم لوط عليه السلام.
• ثانيًا: صورة المسألة: مما استقرت عليه نصوص الشريعة تحريم اللواط، وهو إتيان الرجل الرجل، وأنه من كبائر الذنوب.
فمن استحل إتيان اللواط بملك اليمين الذكر فقد كفر، إذا توفرت الشروط، وانتفت الموانع.
• من نقل الإجماع: قال شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ): "ومن هؤلاء من يستحل بعض الفواحش "كاستحلال مؤاخاة النساء الأجانب، والخلو بهن، زعمًا منه أنه يحصل لهن البركة بما يفعله معهن، وإن كان محرمًا في الشريعة، وكذلك من يستحل ذلك من المردان، ويزعم أن التمتع بالنظر إليهم ومباشرتهم هو طريق لبعض السالكين، حتى يترقى من محبة المخلوق إلى محبة الخالق، ويأمرون بمقدمات الفاحشة الكبرى، وقد يستحلون الفاحشة الكبرى، كما يستحلها من يقول إن التلوط مباح بملك اليمين، فهؤلاء كلهم كفار باتفاق المسلمين" (1). وقال في موضع آخر:"وقد اتفق المسلمون على أن من استحلها -أي فاحشة اللواط- بمملوك أو غير مملوك فهو كافر مرتد"(2).
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب أن اللواط مما جاءت الشريعة بتحريمه صريحًا، فمن ذلك:
1 -
(1) مجموع الفتاوى (11/ 405)، وانظر: الإنصاف (8/ 30).
(2)
مجموع الفتاوى (11/ 543)، وانظر: منهاج السنة (3/ 436).
(3)
سورة الأعراف، آية (80 - 81).
2 -
3 -
• وجه الدلالة من الآيات: الآيات صريحة في تحريم اللواط، وأنه سبب لعقوبته تعالى على قوم لوط، وقد سماه تعالى في الآيات السابقة إسرافًا، واعتداءً، وجهلًا، قال القرطبي:" {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} إما أمر التحريم أو العقوبة"(3).
4 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ملعون من عمل عمل قوم لوط)(4).
• وجه الدلالة: الحديث صريح أن اللواط مما يوجب استحقاق لعن
(1) سورة الشعراء، آية (165 - 166).
(2)
سورة النمل (54 - 58).
(3)
تفسير القرطبي (13/ 219).
(4)
أخرجه أحمد (3/ 368)، والترمذي، كتاب: الحدود، باب: حد اللوطي، (رقم: 1456)، من طريق عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس، قال الزيلغي:"قال البخاري: عمرو بن أبي عمرو صدوق، لكنه روى عن عكرمة مناكير، وقال النسائي: عمرو بن أبي عمرو ليس بالقوي، وقال المنذري عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب بن عبد اللَّه بن حنطب المخزومي، كنيته أبو عثمان، واسم أبي عمرو ميسرة، احتج به البخاري، ومسلم، وروى عنه مالك، وتكلم فيه غير واحد، وقال شيخنا الذهبي في "الميزان": قال ابن معين: عمرو بن أبي عمرو ثقة، ينكر عليه حديث عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اقتلوا الفاعل والمفعول به)، وقد أخرج له الجماعة، وروى عنه مالك، ولينه جماعة، فقال أبو حاتم: لا بأس به، وقال أبو داود: ليس بالقوي، وقال عبد الحق: لا يحتج به، قال الذهبي: وهو ليس بضعيف، ولا مستضعف، ولا هو في الثقة كالزهري، بل دونه".
صاحبه، مما يدل على تحريمه، وأنه من الكبائر.
5 -
عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (إن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط)(1).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم خاف على أمته من عمل قوم لوط، وذلك يدل على نبذه شرعًا.
6 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به)(2).
7 -
عن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذي يعمل عمل قوم لوط: (ارجموا الأعلى والأسفل، ارجموهما جميعا)(3).
(1) أخرجه الترمذي، كتاب: الحدود، باب: حد اللوطي، (رقم: 1457)، وابن ماجه، كتاب: الحدود، باب: من عمل عمل قوم لوط، (رقم: 2563)، قال الترمذي:"حديث حسن غريب"، وقال الحاكم في المستدرك (4/ 397):"صحيح الإسناد"، وصححه الذهبي، وحسنه الألباني كما في صحيح الترمذي (2/ 138).
(2)
أخرجه أحمد (4/ 464)، والترمذي (رقم: 1456)، وأبو داود (رقم: 4462)، وابن ماجه، كتاب: الحدود، باب: من عمل عمل قوم لوط، (رقم: 2565)، قال الحاكم في المستدرك (4/ 395):"هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وصححه الذهبي، والحديث من طريق عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة، وقد سبق الكلام عليه قريبًا، وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة في سنده عاصم بن عمر العمري، ضعفه ابن معين، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال الترمذي متروك.
والحديث استنكره النسائي، وابن معين. انظر: التاريخ الكبير (6/ 491)، الكاشف (1/ 520)، تلخيص الحبير (4/ 103).
(3)
أخرجه ابن ماجه (رقم: 2565)، والحديث ضعَّفه ابن عبد البر في "الاستذكار"(7/ 496)، لأن في سنده عاصم بن عمر وهو ضعيف، وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" (2/ 65):"هذا إسناد فيه عاصم بن عمر العمري، وقد ضعفه أحمد، وابن معين، وأبو حاتم، والبخاري، والنسائي، والدارقطني، وغيرهم".