الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث مسائل الإجماع فيما يوجب حد قطاع الطريق
[26/ 2] المسألة السادسة والعشرون: من أخذ مال امرئ مسلمٍ أو معاهد بغير حق، غير طيبة به نفسه، وكان أخذه مكابرة بسلاح من صاحبه في الصحراء، سمي محاربًا
.
• المراد بالمسألة: لو أن شخصًا أو جماعة أخذوا مال مسلم، أو معاهد بغير حق، وكان ذلك عن طريق المكابرة، وإشهار السلاح، وفي الصحراء، فإن هؤلاء ينطبق عليهم حد الحرابة.
ويتبين من هذا أن المال لو أخذ من غير المسلم أو المعاهد، كان أُخذ من حربي، أو كان أخْذه بحق، كأن يكون المال لهم أُخذ منهم عن طريق الغصب أو السرقة، أولم يكن ذلك عن طريق المكابرة بل كان عن طريق الخفية والاستتار كالسرقة، وكذا لو لم يكن فيه إشهار السلاح أو لم يكن ذلك في الصحراء بل كان في المدينة، فكل ذلك ليس مرادًا في مسألة الباب.
• من نقل الإجماع: قال ابن جرير الطبري (310 هـ): "أجمع جميع الخاصة والعامة أن اللَّه عز وجل حرم أخذ مال امرئ مسلم أو معاهد بغير حق، إذا كان المأخوذ منه ماله غير طيب النفس، بأن يؤخذ منه ما أخذ، وأجمعوا جميعًا أن آخذه على السبيل التي وصفنا بفعله آثم، وبأخذه ظالم، وأجمعت الحجة التي وصفناها جميعًا أن آخذه على السبيل التي وصفنا إن كان أخذه من حرز مستخفيًا بأخذه وبلغ المأخوذ ما يجب فيه القطع أنه يسمى بما أخذ سارقًا وإن كان أخذه مكابرة من صاحبه في صحراء أنه يسمى محاربًا"(1).
(1) اختلاف الفقهاء لابن جرير الطبري (170).
وقال ابن حزم (456 هـ): "وجدنا أن من دخل مستخفيًا ليسرق أو ليزني أو ليقتل، ففعل شيئًا من ذلك مختفيًا، فإنما هو سارقٌ عليه ما على السارق لا ما على المحارب بلا خلاف، أو إنما هو زانٍ فعليه ما على الزاني لا ما على المحارب بلا خلاف"(1). وقال ابن هبيرة (560 هـ): "واتفقوا على أن من برز، وشهر السلاح مخيفًا للسبيل خارج المصر بحيث لا يدركه الغوث فإنه محارب قاطع للطريق، جارية عليه أحكام المحاربين"(2)، ونقله عنه ابن قاسم (3).
وقال ابن رشد الحفيد (595 هـ): "اتفقوا على أنها -أي الحرابة- إشهار السلاح وقطع السبيل خارج المصر"(4). وقال ابن قدامة (620 هـ) في معرض كلامه على شروط من تنطبق عليهم الحرابة: "الشرط الثاني: أن يكون معهم سلاح، فإن لم يكن معهم سلاح، فهم غير محاربين، لأنهم لا يمنعون من يقصدهم، ولا نعلم في هذا خلافًا"(5) وقال شمس الدين ابن قدامة (682 هـ): "شرط الثاني: أن يكون معهم سلاح، فان لم يكن سلاح فليسوا محاربين؛ لأنهم لا يمنعون من يقصدهم، ولا نعلم في هذا خلافًا"(6).
• مستند الإجماع: يدل على الإجماع قول اللَّه تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33)} (7).
(1) المحلى (12/ 281).
(2)
الإفصاح (2/ 217).
(3)
حاشية الروض المربع (7/ 377).
(4)
بداية المجتهد ونهاية المقتصد (2/ 455).
(5)
المغني (9/ 125).
(6)
الشرح الكبير (10/ 303).
(7)
سورة المائدة، آية (33).