الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني الأصل في مشروعية حد البغاة
• الأصل في مشروعية حد البغاة الكتاب، والأثر، والإجماع:
• أولًا: من الكتاب: قال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9)} (1).
• ثانيًا: من الأثر: فعل الصحابة رضوان اللَّه تعالى عليهم، فإن أبا بكر رضي الله عنه قاتل مانعي الزكاة كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما توفي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم واسْتُخْلِف أبو بكر بعده، وكفر من كفر من العرب، قال عمر بن الخطاب لأبي بكر: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا اللَّه، فمن قال لا إله إلا اللَّه فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على اللَّه)؟ فقال أبو بكر: واللَّه لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة؛ فإن الزكاة حق المال، واللَّه لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه، فقال عمر بن الخطاب:"فواللَّه ما هو إلا أن رأيت اللَّه عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق"(2)(3). وكذا علي رضي الله عنه قاتل
(1) سورة الحجرات، آية (9).
(2)
صحيح البخاري (رقم: 1335)، وصحيح مسلم (رقم: 20).
(3)
اختلف أَهل العلم في الذين قاتلهم مانعي الزكاة الذين قاتلهم أبو بكر رضي الله عنه هل كان قتالهم من باب البغي أو لا، على مسلكين: المسلك الأول: من يجعل قتال هؤلاء من باب قتال أهل البغي، وهذا مسلك كثير من أصحاب الشافعي وأبي حنيفة، وطائفة من أصحاب أحمد.
الطريق الثاني: أن قتال هؤلاء ليس من باب قتال أهل البغي، وإنما هو من باب قتال المرتدين، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن هذا هو المنصوص عن جمهور الأئمة المتقدمين من أئمة الحديث وأهل المدينة النبوية كمالك، وأئمة الشام كالأوزاعي، وأئمة العراق كالثوري، وأحمد بن حنبل، وغيرهم، وهو اختيار ابن تيمية. انظر: معالم السنن (2/ 8 - 9)، مجموع الفتاوى (28/ 513 - 515)، (28/ 548 - 549).
أهل الجمل (1)، وصفين (2).
• ثالثًا: الإجماع: أجمع العلماء على مشروعية قتال البغاة، وقد نقل الإجماع على ذلك ابن عبد البر (3)، والموفق ابن قدامة (4)، وبهاء الدين المقدسي (5)، والنووي (6)، وشمس الدين ابن قدامة (7)، وشيخ الإسلام ابن تيمية (8)، وغيرهم (9).
(1) هي معركة وقعت في البصرة عام (36 هـ) بين قوات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والجيش الذي يقوده الصحابيان طلحة بن عبيد اللَّه والزبير بن العوام بالإضافة إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم، التي قيل أنها ذهبت مع جيش المدينة في هودج من حديد على ظهر جمل، وسميت المعركة بالجمل نسبة إلى هذا الجمل، وكان في كل فريق عشرة آلاف مقاتل. انظر: الفتنة ووقعة الجمل للضبي (105) وما بعدها، تاريخ الأمم والرسل والملوك (3/ 40)، البداية والنهاية (7/ 230).
(2)
هي حادثة وقعت بعد الجمل، بين علي رضي الله عنه ومعاوية رضي الله عنه، سنة (37 هـ)، بموضع يُقال له:"صفين"، بالقرب من الفرات، شرقي بلاد الشام، وذلك أنه بعد مقتل عثمان رضي الله عنه طلبت البيعة لخلافة المسلمين لعلي، وتمت له في المسجد النبوي في المدينة، وأرسل علي رضي الله عنه إلى معاوية يدعوه للطاعة، فاستنفر معاوية أهل الشام للطلب بدم عثمان رضي الله عنه، وضم إليه عمرو بن العاص، فلما رأى رسول أمير المؤمنين ذلك رجع إليه وأخبره بما رأى، ومع احتدام الموقف توجه علي بن أبي طالب إلى الشام مع جيشه، وكان قوامه (135 ألفًا) لأخذ البيعة من معاوية، والذي بدوره أرسل جيشًا من دمشق عدده (135 ألفًا)، وأقام في صفين، وهناك تقابل الجيشان، وقام بينهما قتال شديد، كان يستمر يوميًا من بعد صلاة الفجر إلى نصف الليل، وقُتل فيه ما يقارب (70) ألفًا. انظر: وقعة صفين لابن مزاحم المنقري، البداية والنهاية (7/ 253).
(3)
التمهيد (23/ 339).
(4)
المغني (8/ 457).
(5)
العدة شرح العمدة (2/ 186).
(6)
شرح النووي (7/ 170).
(7)
الشرح الكبير (10/ 49).
(8)
مجموع الفتاوى (3/ 454)، (3/ 382)، (3/ 544)، (3/ 547).
(9)
انظر: مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج (5/ 401)، طرح التثريب (7/ 218)، الفروع (6/ 154)، سبل السلام (2/ 376)، وسيأتي نقل نصوصهم في المسألة الخامسة عشرة تحت عنوان:"البغاة متى خرجوا ظلمًا على إمام عادل واجب الطاعة صحيح الإمامة وخالفوا رأي الجماعة وشقوا عصا الطاعة فقد وجب قتالهم بعد إنذارهم".