الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقد يكون من لازم هذا القول إيجاب الضمان على من قتل المرتد، لأن الشرع لم يبح قتله عندهم.
• دليل المخالف: استدل المخالف لمسألة الباب بأدلة منها:
1 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أن ثمة منافقين في عهده، ومع ذلك فلم يقتل واحدًا منهم.
2 -
قصة ذي الخويصر الذي اعترض على قسمة النبي صلى الله عليه وسلم، فأراد خالد بن الوليد، وفي بعض الروايات عمر بن الخطاب، أن يقتله، فمنع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك (1).
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة ليست محل إجماع محقق بين أهل العلم؛ لخلاف بعض الفقهاء فيه كما نقله ابن حزم.
ويحسن التنبيه إلى أن عامة أهل العلم القائلين بأن دم المرتد هدر، لا يبيحون قتله من عامة الناس، وإنما القتل خاص بالإمام أو نائبه (2)، ومن قتله من عامة الناس، فللإمام أن يعزره؛ لافتياته على الإمام، ولضبط الفوضى في الناس.
[34/ 4] المسألة الرابعة والثلاثون: قتل الزنادقة مشروع
.
• المراد بالمسألة: من كان زنديقًا وظهر أمره، ولم يتب، فيشرع للإمام قتله.
ويتبين من هذا أن من أظهر الإسلام وأبطن الكفر، ولم يظهر منه خلاف ما أظهر، أو كان قد تاب من زندقته سواءً قبل القدرة عليه أو بعد القدرة عليه، فكل ذلك غير مراد في مسألة الباب.
• من نقل الإجماع: قال ابن هبيرة (560 هـ): "اتفقوا على أن الزنديق الذي يُسِر الكفر، ويظهر الإسلام: يُقتل"(3).
(1) انظر: المحلى (12/ 127 - 165).
(2)
سيأتي من نقل الإجماع على ذلك في المسألة التاسعة والثلاثون تحت عنوان "قتل المرتد يتولاه الإمام، سواء كان المرتد حرًا أو عبدًا".
(3)
الإفصاح (2/ 181).
• مستند الإجماع: يدل على قتل الزنديق ما يلي:
1 -
ما أخرجه البخاري عن عكرمة قال: أتي علي رضي الله عنه بزنادقة، فأحرقهم، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرِّقهم؛ لنهي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (لا تعذبوا بعذاب اللَّه)، ولقَتلْتهم؛ لقول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(من بدل دينه فاقتلوه)(1)، فاتفق علي وابن عباس رضي الله عنهما على قتلهم، وإنما اختلفوا في صفة القتل.
2 -
أن اللَّه تعالى توعد المنافقين في آيات من كتابه كما قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145)} (2)، وقال تعالى:{وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (68)} (3)، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على كفر المنافق.
3 -
الإجماع المحكي على كفر المنافقين، حيث قال ابن حزم:"لا خلاف بين أحد من أهل الإسلام في أن المنافقين كفار"(4).
وهذا الإجماع يدل على أن المسلم إن تزندق إلى النفاق فإنه يكون بذلك كافرًا، وهذه ردة عن الإسلام للكفر، والمرتد إن لم يتب فحقه القتل.
• المخالفون للإجماع: نقل ابن حزم عن بعض أهل العلم القول بأنه لا قتل على المنافقين، حتى من اشتهر نفاقه منهم (5).
• دليل المخالف: استدل المخالف لمسألة الباب بأدلة منها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أن ثمة منافقين في عهده، وعدَّ بعضهم لحذيفة بن اليمان، ومع ذلك فلم
(1) البخاري (رقم: 2854).
(2)
سورة النساء، آية (145).
(3)
سورة التوبة، آية (68).
(4)
الفصل في الملل والأهواء والنحل (3/ 124).
(5)
المحلى (12/ 127).