الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• المخالفون للإجماع: نقل ابن عبد البر عن طائفة القول بتكفير البغاة، فقال: "أجمع العلماء على أن من شق العصا، وفارق الجماعة، وشهر على المسلمين السلاح، وأخاف السبيل، وأفسد بالقتل، والسلب، فَقَتْلُهُم وإراقة دمائهم واجب؛ لأن هذا من الفساد العظيم في الأرض، والفساد في الأرض موجب لإراقة الدماء بإجماع، إلا أن يتوب فاعل ذلك من قبل أن يقدر عليه، والانهزام عندهم ضرب من التوبة، وكذلك من عجز عن القتال لم يقتل إلا بما وجب عليه قبل ذلك.
ومن أهل الحديث طائفة تراهم كفارًا على ظواهر الأحاديث فيهم مثل قوله: (من حمل علينا السلاح فليس منا)(1)، ومثل قوله:(يمرقون من الدين)(2) " (3).
فظاهر كلام ابن عبد البر العموم لجميع البغاة، لكن بيَّن جماعة من أهل العلم أن هذا القول من بعض المحدِّثين بالتكفير خاص بالخوارج، أما البغاة غير الخوارج فلا يشملهم ذلك، إلا إذا أتوا بما يكفرهم (4).
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[3/ 3] المسألة الثالثة: وجوب نصرة الإمام في قتال أهل البغي
.
• المراد بالمسألة: إذا بغت طائفة على إمام عادل متفق على إمامته، فخرجت عليه الطائفة ظلمًا فيجب على أهل العدل نُصرة الإمام بمقاتلة أهل البغي مع الإمام.
ويتبين من هذا أن الإمام إذا لم تثبت إمامته وبيعته، أو كان ثبوت إمامته بأن قهر الناس بسيفه حتى أذعنوا له، وصار إمامًا، فكل ذلك غير مراد في مسألة الباب.
(1) صحيح البخاري (رقم: 6659)، وصحيح مسلم (رقم: 100).
(2)
البخاري (رقم: 6995)، مسلم (رقم 1064).
(3)
التمهيد (23/ 338).
(4)
انظر: المغني (9/ 4).
وكذا لو كان الإمام ظالمًا والباغي عليه عادلًا أو أقل فسقًا من الإمام، أو كان خروج الفئة لحقٍّ طلبوه، كمنع معصية أمر بها الإمام، أو منع ظلم قام به الإمام، فذلك ليس مرادًا في مسألة الباب أيضًا، وكذا إذا لم يخرج على الإمام، وإنما أراد الإمام ظلمه، أو ما أشبه ذلك، فدافع عن نفسه ضد الإمام، فكل ذلك ليس من مسألة الباب.
• من نقل الإجماع: قال الموفق ابن قدامة (620 هـ): "من اتفق المسلمون على إمامته وبيعته، ثبتت إمامته، ووجبت معونته، لما ذكرنا من الحديث، والإجماع"(1). وقال بهاء الدين المقدسي (624 هـ): "فمن اتفق المسلمون على إمامته وبيعته، ثبتت إمامته، ووجبت معونته؛ لما ذكرنا من الحديث وإجماع الصحابة"(2).
وقال شمس الدين ابن قدامة (682 هـ): "من اتفق المسلمون على إمامته وبيعته ثبتت إمامة ووجبت معونته لما ذكرنا من النص، مع الإجماع على ذلك"(3).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ): "واختلف الفقهاء أيضًا فيمن يقتل السلطان كقتلة عثمان، وقاتل علي رضي الله عنهما هل هم كالمحاربين فيقتلون حدًا أو يكون أمرهم إلى أولياء الدم. . . وهذا كله إذا قدر عليهم. فأما إذا طلبهم السلطان أو نوابه لإقامة الحد بلا عدوان فامتنعوا عليه فإنه يجب على المسلمين قتالهم باتفاق العلماء حتى يقدر عليهم كلهم"(4).
وقال ابن حجر (852 هـ): "أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وأن طاعته خير من الخروج عليه"(5).
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب ما يلي:
(1) "المغني (5/ 9).
(2)
العدة شرح العمدة (2/ 186).
(3)
الشرح الكبير (10/ 53).
(4)
مجموع الفتاوى (28/ 317).
(5)
فتح الباري (13/ 11).