الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ضامن له بإحضار المكفول، لا أنه يتحمل عنه عقوبته، قال القرطبي:"إذ الحمالة في الحدود ونحوها -بمعنى إحضار المضمون فقط- جائزة مع التراضي، غير لازمة إذا أبي الطالب، وأما الحمالة في مثل هذا على أن يلزم الحميل ما كان يلزم المضمون من عقوبة، فلا يجوز إجماعًا"(1)، وذكر ابن حجر في الفتح نحوًا من كلام القرطبي (2).
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب قول اللَّه تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)} (3).
• وجه الدلالة: أن قطع السارق حد، والحدود إذا ثبتت عند الحاكم بما يوجب القطع وجب إقامتها وحرم إسقاطها بشفاعة أو فداء أو غيره، كما سيأتي بيان أدلته قريبًا (4).
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[16/ 1] المسألة السادسة عشرة: من سرق فأقيم عليه الحد، ثم تاب وأصلح، فإنه تقبل شهادته
.
• صورة المسألة: إذا سرق شخص ما يوجب الحد، وأقيم عليه الحد، ثم تاب من السرقة وأصلح العمل، فإنه يكون عدلًا مقبول الشهادة.
• من نقل الإجماع: قال ابن المنذر (318 هـ). "أجمعوا على أنه من أتى حدًا من الحدود فأقيم عليه ثم تاب وأصلح أن شهادته مقبولة إلا القاذف"(5) وقال ابن حجر (852 هـ): "نقل الطحاوي الإجماع على قبول شهادة
(1) تفسير القرطبي (9/ 240).
(2)
فتح الباري (4/ 470).
(3)
سورة المائدة، آية (38).
(4)
انظر: المسألة السابعة عشرة تحت عنوان: "السارق إذا بلغ الإمام لم تجز الشفاعة فيه".
(5)
الإجماع (64).
السارق إذا تاب" (1).
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب ما يلي:
1 -
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه (2) قال: كنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في مجلس فقال: (تبايعوني على أن لا تشركوا باللَّه شيئًا، ولا تزنوا، ولا تسرقوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم اللَّه إلا بالحق، فمن وفى منكم فأجره على اللَّه، ومن أصاب شيئًا من ذلك فعوقب به فهو كفارة له، ومن أصاب شيئًا من ذلك فستره اللَّه عليه فأمره إلى اللَّه، إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه)(3).
• وجه الدلالة: في الحديث أن الحدود كفارة لأهلها، فمن أقيم عليه الحد فقد كُفِّر عنه حدُّه.
2 -
عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)(4).
(1) فتح الباري (5/ 258)، ونقله ابن القيم في حق الزاني فقال في "إعلام الموقعين" (1/ 97):"ليس يختلف المسلمون في الزاني المجلود أن شهادته مقبولة إذا تاب". ولم أجد نقل الطحاوي في كتابيه "مشكل الآثار"، و"شرح معاني الآثار"، فلعله في غيرهما من الكتب كـ"بيان السنة"، و"الشفعة"، و"المحاضر والسجلات"، و"أحكام القرآن"، و"المختصر"، وهذه الكتب بعضها مخطوط وبعضها مطبوع لكن لم أتمكن من الحصول عليها.
(2)
هو أبو الوليد، عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم ابن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج الأنصاري السالمي، قال ابن عبد البر:"شهد بدرًا والمشاهد كلها ثم وجهه عمر إلى الشام قاضيًا ومعلمًا فأقام بحمص ثم انتقل إلى فلسطين ومات بها ودفن بالبيت المقدس وقبره بها معروف إلى اليوم، وقيل: إنه توفي بالمدينة: والأول أشهر وأكثر". انظر: سير أعلام النبلاء 2/ 5، الإصابة 2/ 268، تهذيب التهذيب 5/ 97.
(3)
صحيح البخاري (رقم: 18)، صحيح مسلم (رقم: 1709).
(4)
أخرجه ابن ماجه (رقم: 4250)، من طريق أبي عبيدة عن ابن مسعود رضي الله عنه. وأبو عبيدة لم يسمع من ابن مسعود، إلا أن للحديث شواهد من حديث ابن عباس عند البيهقي في السنن الكبرى (15/ 154)، ومن حديث أبي سعيد الخدري عند الطبراني في "المعجم الكبير"(10/ 150). ولذا حسَّن الحديث بعض أهل العلم بمجموع طرقه، قال السخاوي في المقاصد الحسنة (1/ 249): "رجاله ثقات، بل =