الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أداء الزكاة كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما توفي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم واسْتُخْلِف أبو بكر بعده، وكفر من كفر من العرب، قال عمر بن الخطاب لأبي بكر: كيف، تقاتل الناس وقد قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا اللَّه، فمن قال لا إله إلا اللَّه فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على اللَّه)؟ فقال أبو بكر: واللَّه لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة؛ فإن الزكاة حق المال، واللَّه لو منعوني عقالًا كانوا يؤدونه إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه، فقال عمر بن الخطاب: فواللَّه ما هو إلا أن رأيت اللَّه عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق (1).
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[15/ 3] المسألة الخامسة عشرة: البغاة متى خرجوا ظلمًا على إمام عادل، واجب الطاعة، صحيح الإمامة، وخالفوا رأي الجماعة، وشقوا عصا الطاعة، فقد وجب قتالهم بعدا إنذارهم
.
• المراد بالمسألة: لو أن ثمة طائفة خرجت ظلمًا على الإمام العادل المتفق على إمامته، فيجب على الإمام وأتباعه قتالهم.
ويتبين من هذا أن الإمام لو لم يكن عادلًا، أو أن إمامته لم تثبت بالاتفاق، بأن قهرهم بسيفه مثلًا حتى صار إمامًا، فحكم مقاتلة أهل العدل لهم غير مرادة في مسألة الباب.
• من نقل الإجماع: قال ابن عبد البر (463 هـ): "أجمع العلماء على أن من شق العصا، وفارق الجماعة، وشهر على المسلمين السلاح، وأخاف السبيل، وأفسد بالقتل والسلب، فقتْلهم وإراقة دمائهم واجب؛ لأن هذا من الفساد
(1) صحيح البخاري (رقم: 1335)، وصحيح مسلم (رقم: 20).
العظيم في الأرض، والفساد في الأرض موجب لإراقة الدماء بإجماع" (1)(2).
وقال القاضي عياض (544 هـ): "أجمع العلماء على أن الخوارج وأشباههم من أهل البدع والبغي متى خرجوا على الإمام، وخالفوا رأى الجماعة، وشقوا العصا، وجب قتالهم بعد إنذارهم والاعتذار إليهم"، نقله عنه العراقي (3)، والنووي (4)، وابن مفلح (5).
وقال الموفق ابن قدامة (620 هـ): "أجمعت الصحابة رضي الله عنهم على قتال البغاة"(6). وقال بهاء الدين المقدسي (624 هـ): "اجتمعت الصحابة رضوان اللَّه عليهم على قتال البغاة"(7). وقال النووي (676 هـ): "قوله صلى الله عليه وسلم: (فإذا لقيتموهم فاقتلوهم؛ فإن في قتلهم أجرًا) (8) هذا تصريح بوجوب قتال الخوارج والبغاة، وهو إجماع العلماء"(9). وقال ابن ابن قدامة (682 هـ): "أجمعت الصحابة رضي الله عنهم على قتال البغاة"(10). وقال ابن تيمية (728 هـ): "الصحابة والأئمة متفقين على قتال الخوارج المارقين"(11). وقال ابن حجر (852 هـ): "أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وأن طاعته خير من الخروج عليه"(12).
(1) التمهيد (23/ 339).
(2)
وإن كان كلام ابن عبد البر هو في القتل، ومسألة الباب في المقاتلة، ومعلوم أن ثمة فرقا بين المسألتين، لكن البغاة إذا زاد بغيهم إلى حد الإفساد بالقتل وإراقة الدماء ولم يمكن دفعهم إلا بالقتل، فهو مراد ابن عبد البر، ومن هذا الباب يمكن تضمين كلام ابن عبد البر في مسألة الباب.
(3)
انظر: طرح التثريب (7/ 218).
(4)
انظر: شرح النووي (7/ 170).
(5)
انظر: الفروع (6/ 154).
(6)
المغني (8/ 407).
(7)
العدة شرح العمدة (2/ 186).
(8)
مسلم (رقم: 1066).
(9)
شرح النووي (7/ 170).
(10)
الشرح الكبير (10/ 49).
(11)
مجموع الفتاوى (3/ 454)، وله في ذلك نصوص أخرى كثيرة لكنا انتقينا أصرحها، وأخصرها، وأشملها، انظر: نفس المصدر (3/ 382)، (3/ 544)، (3/ 547).
(12)
فتح الباري (13/ 11).
وقال الشربيني (977): "الإجماع منعقد على قتالهم -أي البغاة-"(1).
وقال الصنعاني (1182 هـ): "جواز قتال البغاة، وهو إجماع"(2). وقال الشوكاني (1250 هـ): "قتال البغاة جائز إجماعا"(3). وقال ابن قاسم (1392 هـ): "أجمع الصحابة على قتال الباغي"(4).
• مستند الإجماع: استدل أهل العلم لمقاتلة البغاة بأدلة منها:
1 -
• وجه الدلالة من الآية: أن اللَّه أمر بمقاتلة الفئة الباغية حتى ترجع لأمر اللَّه من الطاعة.
2 -
عموم الأحاديث الدالة على قتال الخوارج، والتي رويت من عشرة أوجه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك ما جاء في قصة قسم النبي صلى الله عليه وسلم لذهب من اليمن: فقام رجل غائر العينين، مشرف الوجنتين، ناشز الجبهة، كث اللحية، محلوق الرأس، مشمر الإزار، فقال: يَا محمد اتق اللَّه. قال صلى الله عليه وسلم: (ويلك أو لست أحق أهل الأرض أن يتقي اللَّه)؟ ! ثم ولَّى الرجل، فقام خالد بن الوليد رضي الله عنه، -وفي وجه في الصحيح: عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال: دعني أضرب عنقه يا رسول اللَّه.
فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (لعله أن يكون يصلي) قال: وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس بقلبه، قال عليه الصلاة والسلام: (أني لم أومر أن
(1) مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج (5/ 401).
(2)
سبل السلام (2/ 376).
(3)
نيل الأوطار (7/ 202)، وانظر: البحر الزخار (6/ 416).
(4)
حاشية الروض المربع (7/ 390).
(5)
سورة الحجرات، آية (9).