الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمرتد قد كان المال له حال إسلامه ثم زال عنه بالردة، فلما رجع إلى الإسلام فالأصل رجوع المال له؛ لأنه مالكه الأصلي، والأمر الذي بسببه زال عنه هذا الملك قد زال، فيرجع له ماله، ويحرم على غيره أخذه بغير حق؛ لأنه من أكْل مال الغير ظلمًا.
2 -
إجماع أهل العلم على تحريم أخذ مال الغير بغير طيب نفس منه، حيث قال ابن عبد البر:"الأصل المجتمع عليه أنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس"(1).
وقال القرطبي: "الأصل المتفق عليه تحريم مال الغير إلا بطيب نفس منه"(2).
والمرتد إذا رجع للإسلام، رجع له ماله؛ لأن زوال ملكه كان بالردة فيرجع بالإسلام؛ إذ الحكم يدور مع علته.
وإذ تقرر هذا فلا يحل لأحد أخذه بغير طيب نفس منه.
• المخالفون للإجماع: نقل ابن حزم عن طائفة أن المرتد إن ارتد عن الإسلام فإن ملكه يزول عن ماله بمجرد ردته ولا يرجع له ماله سواء رجع إلى الإسلام أو لم يرجع (3).
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة ليست محل إجماع محقق بين أهل العلم؛ لثبوت الخلاف فيها.
[10/ 4] المسألة العاشرة: المجنون إذا ارتد، فقتله آخر عمدًا، فإنه عليه القود إذا طلب أولياء المقتول ذلك
.
• المراد بالمسألة: لو وجد مسلم معصوم الدم، وكان قد أصابه جنون، أو كان ممن يُجن أحيانًا ويفيق أخرى، وارتد حال جنونه، فإنه لا يحكم بردته،
(1) الاستذكار (7/ 88).
(2)
تفسير القرطبي (2/ 227).
(3)
المحلى (12/ 122).
فإن قتله شخص عمدًا، وطلب أولياء المجنون القصاص، وجب عليه القود.
ويتحصل مما سبق أن المرتد لو لم يكن معصوم الدم كأن يكون ثيبًا زانٍ مثلًا، أو كان ارتد حال إفاقته ثم جن، فكل ذلك غير مراد في مسألة الباب.
• من نقل الإجماع: قال ابن المنذر (318 هـ): "أجمعوا أن المجنون إذا ارتد في حال جنونه: أنه مسلم على ما كان قبل ذلك، ولو قتله عمدًا كان عليه القود إذا طلب أولاده ذلك"(1)، ونقله عنه ابن قدامة (2)، وبهاء الدين المقدسي (3)، وشمس الدين ابن قدامة (4). وقال ابن قدامة (620 هـ):"الردة لا تصح إلا من عاقل، فأما من لا عقل له، كالطفل الذي لا عقل له، والمجنون، ومن زال عقله بإغماء، أو نوم، أو مرض، أو شرب دواء يباح شربه، فلا تصح ردته، ولا حكم لكلامه، بغير خلاف"(5).
وقال شمس الدين ابن قدامة (682 هـ): "الردة لا تصح إلا من عاقل، فأما الطفل الذي لا يعقل، والمجنون، ومن زال عقله بنوم أو إغماء أو شرب دواء مباح شربه، فلا تصح ردته، ولا حكم لكلامه، بغير خلاف"(6).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ): "فأما المجنون والطفل الذي لا يميز فأقواله كلها لغو في الشرع، لا يصح منه إيمان، ولا كفر، ولا عقد من العقود، ولا شيء من الأقوال، باتفاق المسلمين"(7).
وقال ابن الهمام (861 هـ): "المجنون لا يصح ارتداده بالإجماع"(8).
(1) الإجماع (122).
(2)
انظر: المغني (9/ 17).
(3)
انظر: العدة شرح العمدة (2/ 189).
(4)
انظر: الشرح الكبير (10/ 79).
(5)
المغني (9/ 17).
(6)
الشرح الكبير (10/ 79).
(7)
مجموع الفتاوى (14/ 115).
(8)
فتح القدير (6/ 98)، وانظر: الموسوعة الكويتية (22/ 181) حيث نقل فيه اتفاق الفقهاء على ذلك.