الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُؤْمِنِينَ (111) وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (112)} (1).
إلى غير ذلك من الآيات الدالة على فضلهم، وصلاحهم، وأنهم من خيرة الخلق، فمن ظن بهم سوء فقد كذَّب بمثل هذه النصوص، وتكذيب شيء من القرآن كفر مخرج من الملة.
12 -
من النظر: أن في ظن السوء بهم قدح في رسالتهم، وما بلغوه لأمتهم عن ربهم، وقدح في اللَّه تعالى إذ كيف يصطفي لرسالته من ليس بكفء لها.
• المخالفون للإجماع: ذكر ابن حزم خلافًا في مسألة من سب النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأنبياء فقالت طائفة أنه لا يكفر، وتوقف آخرون (2).
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة ليست محل أجماع محقق بين أهل العلم؛ للخلاف الذي نقله ابن حزم في المسألة.
[102/ 4] المسألة الثانية بعد المائة: للَّه أنبياء -عليهم الصلاة والسلام- كُثر منهم من سماه اللَّه تعالى في القرآن، ومنهم من لم يسم لنا، ومن خالف ذلك كفر
.
• المراد بالمسألة: مما أخبر اللَّه تعالى في كتابه أن له عز وجل أنبياء منهم من قص علينا خبرهم، ومنهم من لم يَقُص علينا خبرهم، فمن أنكر ذلك، وزعم أن الأنبياء إنما هم من سماهم اللَّه في كتابه، وليس ثمة أنبياءآخرين فقد كفر.
وبهذا يتبين أن ذِكْر اللَّه تعالى لأنبياءه في القرآن على ثلاث حالات:
الأولى: منهم من ذكرهم اللَّه تعالى بقصتهم مع أقوامهم، كنوح، وصالح، وهود.
الثانية: منهم من ذكر اللَّه تعالى أسماءهم، دون ذكر قصصهم مع قومهم، لحكمة أرادها، كاليسع، وذا الكفل.
الثالثة: منهم من لم يذكر اللَّه تعالوا أسماءهم، وهؤلاء قد لا يذكر اللَّه تعالى شيء من قصصهم، وقد يذكر تعالى قصصهم مع قومهم دون ذكر
(1) سورة الصافات، آية (109 - 112).
(2)
انظر: المحلى (12/ 431).
فمن كذب بذلك وأنكر أن للَّه رسلًا لم يسمهم فقد كفر، إذا توفرت فيه الشروط وانتفت الموانع.
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم (456 هـ) في فصل عقده لبيان المعتقدات التي يكفر من خالفها: "اتفقوا أن النبوة حق، وأنه كان أنبياء كثير، منهم من سمى اللَّه تعالى في القرآن، ومنهم من لم يسم لنا"(2).
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب أن نصوص الشرع صرحت أن ثمة رسلًا لم يقص اللَّه تعالى خبرهم، فمن ذلك:
1 -
2 -
(1) سورة يس، آية (13 - 19).
(2)
مراتب الإجماع (267)، بتصرف يسير.
(3)
سورة غافر، آية (78).
(4)
سورة النساء، آية (163 - 164).
• وجه الدلالة من الآيتين: في الآيتين تصريح بأن من الأنبياء من سماه اللَّه تعالى، ومنهم من لم يسمه تعالى، وإنكار ذلك تكذيب لصريح القرآن.
3 -
عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: قلت: يا رسول اللَّه أي الأنبياء كان أول؟ قال: (آدم) قلت: يا رسول اللَّه ونبي كان؟ قال: (نعم، نبي مكلم) قال: قلت: يا رسول اللَّه كم المرسلون؟ قال: (ثلاث مائة وبضعة عشر جما غفيرًا)، -وقال مرة: خمسة عشر- (1).
4 -
عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (إني خاتم ألف نبي وكثر، ما بعث نبي يتبع إلا قد حذر أمته الدجال، وأني قد بُين لي من أمره ما لم يبين لأحد، وإنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور)(2).
فمن أنكر أن للَّه أنبياء لم يسمهم اللَّه تعالى فقد كذب نصوص الشريعة
(1) أخرجه أحمد (35/ 432)، قال الهيتمي في مجمع الزوائد (1/ 194):"فيه المسعودي، وهو ثقة، ولكنه اختلط".
والحديث له شواهد ذكرها الألباني في السلسلة الصحيحة (6/ 358) عند كلامه على حديث: "كان آدم نبيًا مكلمًا، كان بينه وبين نوح عشرة قرون، وكانت الرسل ثلاثمائة وخمسة عشر"، ثم قال بعد ذكره للشواهد:"وجملة القول: إن عدد الرسل المذكورين في حديث الترجمة صحيح لذاته، وأن عدد الأنبياء المذكورين في أحد طرقه، وفي حديث أبي ذر من ثلاث طرق، فهو صحيح لغيره، ولعله لذلك لما ذكره ابن كثير في "تاريخه" من رواية ابن حبان في "صحيحه" سكت عنه، ولم يتعقبه بشيء، فدل على ثبوته عنده، وكذلك فعل الحافظ ابن حجر في "الفتح"، والعيني في "العمدة"، وغيرهم، وقال المحقق الآلوسي في "تفسيره": "وزعم ابن الجوزي أنه موضوع، وليس كذلك، نعم، قيل: في سنده ضعف جبر بالمتابعة" وسبقه إلى ذلك والرد على ابن الجوزي الحافظ ابن حجر في "تخريج الكشاف"، وهو الذي لا يسع الباحث المحقق غيره".
(2)
أخرجه أحمد (18/ 276)، وفي سنده مجالد بن سعيد وهو ضعيف عند الجمهور، وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(2/ 653) وسكت عنه، وتعقبه الذهبي في تعليقه بقوله:"مجالد ضعيف"، لكن الألباني حسن الحديث بمجموع شواهده وطرقه، كما في كتابه "قصة المسيح الدجال ونزول عيسى عليه السلام"(64).